التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يناير, ٢٠٢٣

حديث ذات ١٥

بنها/كفر سعد/ المدينة الجامعية وليلة لن أنساها .. كانت ليلة شتوية، أظنها كانت في ديسمبر، كنت أجلس وحدي في غرفة واسعة، كلما تذكرتها شعرت وكأني كنت في بطن حوت. الغرفة كانت أغلب الوقت غير مرتبة، تليق بفتايات تغربن من أجل الدراسة، طوال اليوم يركضن، من أجل اللحاق بالمواصلات، بالمحاضرات، وباب المدينة الجامعية قبل أن يغلق في مواعيده الرسمية ..  حتى في هذه الليلة .. الكل انصرف عن الغرفة بسعادة، كانت ضحكاتهن تسبقهن للبوابة الرئيسية، كنت أراقبهن من نافذة الحجرة التي تطل على أرض خضراء يزرع فيها التوت الأحمر .. ركبن الأتوبيس الذي كان ينتظرهن بالخارج ليحملهن إلى مدينة الملاهي، تعجبن مني عندما رفضت الذهاب معهن ..  كنت أحدث نفسي .. متى ينصرفن عني ويتركوني وحدي في بطن الحوت .. لم تكن يوما الغرفة مظلمة، ولا هادئة، كانت تعج بأسرارنا، وضحكاتنا، وحكايات أول العمر وأجمله.  لكن أنا والهدوء أختان توأماتان، إذا انصرفت واحدة عن الأخرى، تشتتت .. لم أشكو وحدة قط، بل كانت ولازالت ملاذي وأماني ومأمني .. وقفت أشاهد الغروب، أراقب ألوان الطبيعة وهي تتبدل في دقائق، كانت هواية مفضلة، الآن لا أعلم لماذا تخيفيني! قطع شر

خواطر عيد الأم

- ١ - وچدت بين رُوحي رُوحك؛ وتنفستُ من زفيرك أنفاسي؛ لتعود لي الحياة فعادت بك يوم عُدتْ أنا من رحلتي الطويلة من أرضي البور يَوم خُلِقتْ أنت خُلِقَت معك ألوان السعادة جميعها ورُبِطتْ بك الأوصال فصارت لحياتي معنى .. من دَمّي تكوَّنت؛ ومن لَّبْنيّ شَربتْ؛ وفي قلبي تَربعتْ ياضَيّ عَينيّ؛ وبُوجودك أنتّ يا صغيري صيرتُ أُماً؛ تَحتفي بِهَّا السمَّوات والأرض؛ وتحت قدمي كانت الجنَّة وبين عَينيكَ جنَّةٍ أُخرى .. القاهرة | ٧ يناير ٢٠٢٣

هل جربت أن تفقد عزيزاً

 هل جربت أن تفقد عزيزاً ؟ أن يتخلى عنك جُزءاً منك، أن تتوحد مع ذاتك بعد أن توحدت مع شخص ما اختارته الحياة لك كي تنصهر فيه ويصبح كُلٍ منكم كيانٍ واحد. هل جربت إن يتألم هو فتئن أنت، أن يبكِ هو فتصرخ أنت، أن يفرح هو فيرقص قلبك طرباً وسعادة، أن يضعف هو فتقوى أنت ليستمد منك القوة والعون حتى لو كُنت تتمزق في صمت. الخطأ عليك ! كان لابُد من خلق مسافات حتى لو كان هو الأرض والسماء والمَّاء والهواء والعالم بأسره، كان لابُد عدم الإنغماس بكيانك كله، كان لابُد من أن تحتفظ بجزءٍ منك لنفسك، أن يبقى لك سراً لا يعرفه أحد، جُزء منك لا يعرفه أحد، أحلاماً لا يعرفها أحد. مُنتهى القوة أن تحتفظ بنقاط ضعفك لنفسك، أن لا يطلعُ عليها أحد، أن تسُد على العالم كل مداخلك، أن يبقى في رُوحك قطعة ولو صغيرة لك - لك وحدك. كل مُر سيمُّر هكذا قالوا الكبار - نعم يمُّر كل مُر وتمُّر معه أياماً من العمر، ثقة لا تعود - شموس كانت تُدفء أراضينا تحولت إلى غيوم وبردٍ قاسي. طاقة نفذ رصيدها على الصبر، عيوناً أصبحت كالزُجاج ترى كل شيئاً باهت بلا ألوان. ويبقى القلب كالبيت المهجورة لا يصلُح أن يسكُن به أحد، بعد أن سكن فيه السَّاكن الأول

ثورة يناير ٢٠١١ م

في ميدان الحُرية كانت تصرُخ، قلبها يدُق كالطبُول دقاتٍ عالية، كاد يهرُب من بين ضلُوعِها ليطير في سمَّاء الوطن ليهتُف  "يسقُط يسقُط حُكم العسّكر"  حتى تسمعه ملائكة السمَّاء، كان هذا الهِتاف كالدُعاء ﻻ تهتف به إﻻ ونظرت إلى زُرقه السمَّاء بعينٍ دامعة ويداً مُرتعشة وكأنها تُناجي الله، تضُم بين ذراعيها علم الوَّطن الذي يحمُل ألوانه الثلاث ما بين اﻷحمَّر واﻷسوَّد واﻷبيض ، فـ اﻷحمر لون اﻷرض واﻷيادي التي صُبغت بلون الدماء، واﻷسود هو لون الضمائر والقلوب، واﻷبيض هو لون أحلام الشباب التي تمُوت كل يوم قبل أن تراها نُور الشمس! كتبت بخط يديها على ورقة بيضاء .. "لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تنسُّوا أن تغطوا جسدي العاري وأزيحوا عني الكاميرات .. "لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تُرددوا عني اﻷقاويل واﻹشاعات - ﻻ تبكُون وﻻ تصرخون ، فـ البُكاء و الصرِاخ عليكُم وليس علينا .. "لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تفعلوا شيئاً سوى أن تضعوني بجوار أخوتي الشهداء و تقرأوا لنا الفاتحة وإنصرفوا عنا بـ هدوء ، وأخبروا أمي أنني أحبها كثيراً، وأحب بلادي". وبعد ساعات من هتافها عثروا على تلك الورقة بين ملابسها المُمزقة

حديث ذات ١٤

أعترف أنني أصبحتُ مُقلِّة الزيارات العائلية واللقاءات الأسبوعية مع صديقاتي القدامى، أعترف أنني أصبحتُ أميلُ للصمتُ أكثر، الصمتُ مُريح، أما البوح لله في السجدات الليلية، والصلوات الطويلة، لن تأتي لي إلا بالراحة والسكينة، رُغم أنني مُقصرة. أعترف أنني ينتظرني الناس في مُناسباتهم السعيدة ولم أحضر، ورُبمَّا أشاركهم بطريقتي الخاصة، لكن ستجدني بروحي عندما تحتار ويضيق بك صدرك، وتمِّلُ منك الناس، وتبحث عن من يسمعك ويشد من أزرك، ستجدني دائمَّاً في الشدة دون أن تطلُب. ستجدني حتى لو لم أجدك يوماً بجواري، سأعود لك دون عتابٍ أو مُجادلة، وسأرحل مرةٍ آخرى، فليس لي ولأمثالي وجودٍ بين الزحام .. بورسعيد|يناير ٢٠١٨ 

إلى صديقي

وإذا سألتك ياصديقي عن حالُك لا تقُل أنا بخير وأنت غير ذلك. أنا أرى حالُك في عُيونك، في تلعثُم كلماتك وفي رعشة صوتك الباكي. قُل لي بصدق عن حالك الذي لا يعلمهُ إلا جُدران حُجرتك، ووسادتك التي تحمل عبء قلبك ورأسك. أخبرني عن بُكاؤك الذي يحدُث بعد أن تُغلق أبوابك عليك، وبعد أن يرحل الجميع، وبعد أن تنقطع نقر خطواتِهِمْ الثابتة عنك لبعيد. قُل لي عن تِلك الكلمات التي كتبتها في ورقة ثم ألقيت بها في سلة مُهملاتك حتى لا يرى إنكسَّار رُوحك أحد. قُل لي ياصديقي، فـ أنا صديقتك المُقربة، لماذا جعلت الجمَّاد أقرب لكَ مني .. ؟ ٢٠ يناير ٢٠١٧ | بورسعيد

القرآن

القُرآن، هو الحل لآلام الرُوح، والتيه الفكري، وأحزان النفس، والتحرُر من عُبودية الهوى، هو الذي كُلما اقتربت له حطّمْ الأصنام التي صنعتها حولك؛ وفزعت كُلمَّا اقترب لها أحد! هو القِنديل الذي يٌنير لك دربك وقلبك، هو المَّاء الذي يروي لك ظمأ رُوحك المُتعبة من الركض في طريق الأنا، هو حُروف من نُور أرسلها لك الله في ليلة شديدة الظُلمة ليُخبرك أنه معك .. لا يخلو بيت مُسلم من كتاب الله، ولكن قليلاً من يحفظه؛ قليلاً من حرص عليه وخصص له من الوقت ما يجعله مُطمئاً .. وقليلاً من عمل به، وقليلاً جداً من أنفض من عليه تُراب الزمن والوقت لينهل من بركته ونوره؛ ليقرأ ثم يبحث عن رسائل السماء له .. قليلاً من تخيل نفسه بطلاً لاحدى قصص القرآن؛ فأدرك أن دور البطولة سهلاً على كل انسان إن أراد، وفهم الرسالة! نجهل الكثير من آياته؛ ورغم هذا ندُوب عشقاً، وندمعُ خجلاً، ويرتعشُ القلب لمعانيه، فماذا لو رزقنا الله حلاوة فهمهُ .. ! كتاب الله عزيز لا يقترب بمَّن شغل نفسه عنه، بمَّن جعله آخر أولوياته، بمَّن سمح للتُراب أن يُغطيه، وبَّمن ترك الران يُغطي قلبه.  واللهِ ما رأيت مثل القرآن جالباً للإلهام؛ كتاب يقاوم قسوة الوا

حديث ذات ١٣

أن يُحِبك الله، هو أن تُحِبك الأشخاص والأشياء، هو أن تُحِب نفسك وتُحِب الآخرين وترضى عن زلاتهم. هو أن يمنحُك الحِكمَّة والحِنكة والذكاء والقُوة في أن تتعامل مع خطأ الآخرين تِجاهك. هو أن يُسيء الظن بك أحدهم؛ وتُحسن أنت إليه دُون أن يعلم وكفى بالله عليما. هو أن تمنح الأعذار سِراً، وتتقبل الأسف دُون أن يحدُث، هو أن ترى سُبتك وتبتسِم لذنوب رُفعت عن أكتافك - ولحسنات كُتبت في صحيفتك، هو أن يأذيك أحدهم وتحتسب، هو أن تعفُو عند المَّقدرة، من أجل عفو الله عنك يوم المُجادلة. ١٩ يناير | القاهرة 

صلاة ١

 ونعوذُ بك من ذنبٍ لا يُغفر، ومن قلبٍ يُقهَر، ومن عهدٍ يُنقض ووعدٍ يُدنسّ، ومن حديثٍ لنْ يكتمل، ومن كفوفٍ تترُكنا في مُنتصف الطريق فلا نعرف حينها من أي جهة نعود، ونهارٍ شاق وليلٍ طويل ليس له آخر، ومن ضجيج الروح، ومن أحلامٍ مبتُورة، ومن طاولات بها مقعدٍ خالي يئن في صمت على ذكرياتٍ لم تعد بجواره. ومن عدوٌ في شكل صديق، ومن صديقٍ بلا طريق، ومن طريقٍ لن يُرضيك، ومن قلمٍ يخلو من ذكرك، ومن صفحاتٍ بيضاء ألوثها بخيالي، ومن چمود قلبي وقسوتي على ذاتي، وحنويّ المُفرط على العابرُون، ومن نفاذ صبري ومن الميل والهوى، ومن الهوى الذي يهوى بمبادئنا، ومن خريف في أول العُمر، ومن عُمر نعيشه بلا هدف ومن هدفٍ بعيد عن الچنة، ومن چنة تخلو من رُؤياك يا الله .. ١٣ يناير | القاهرة 

عزيزتي نون ٤

 جاءتني احداهُن تسألني لماذا لا يرفع الله الألم عن قلبي؟ لماذا يُحمّله ما لا طاقه له به؟ ولماذا يرى ظلمي ويسكُت؟ ولماذا أنا أبكِ ولا أنام، ومن ظلمني ينعم بحياةٍ جميلة، حقق كُل أحلامي التي كُنت أرسمها يوماً ما معه لكن لأمراة أخرى، لم تحلم معه يوماً؛ وربما كانت تحلم مع سواه ..  لماذا كل هذا، أين العدل! أجبتُ .. الله لا يحملنا فوق طاقتنا، الله يرأف بقلوبنا الهشة، ما أراد الله يوماً أن يُبكينا أو يُعذبنا بإسم الهوى .. هو أرحم بنا ممن نُحب، هو من جعل لنا من الكسرِ ممراً للنور، قلوبنا فقيرة، ضعيفة، هذيلة، شاحبة بدُون الله .. هوّني على قلبك، وكفى به ألم الخذلان، إرفعي كفوفك، وعيناكِ الدامعة إلى السماء، حدثيه عن قلبك سيچبره، حدثيه عن ليلك وعن نهارك القاسي، حدثيه عن العالم وعن الناس، حدثيه عن الحروب وعن الدماء .. أجابت: حدثته بالأمس فـ أرسلك لي اليوم .. ١٣ يناير | القاهرة

حديث ذات ١٢

أتفادى نزلات البرد، أحاول أن أثقل من ملابسي، وأن أشعل مدفئتي طوال الوقت، أن أتدثر ليلا بوشاحا أحبه، محشو بالصوف والذكريات، آلفه حول رقبتي المصابة بألم لا أعرف سببه، ثم أغمض عيناي وأتخيل أنني معافة من البرد والحنين .. مناعتي هشة، ودموعي تنسال ببساطة، وشفائي عزيز، وكل الأدوية أصبحت لا تجدي نفعاً. أسقط حبات الڤيتامين في كأس من الماء، وأنتظر أن يذوب في قعر الكأس، أراقبه وهو يضمر ثم يختفي، ثم يتوحد لونه مع الماء فتصير ماء برتقالية اللون .. أتخيل لو أن هناك أقراص للتشافي من نزلات الحنين التي تصيب القلب على غفلة منه، أقراص لونها مبهجا تذوب في قعر كأس شفاف، ثم يتناغم الماء مع لونه ليتحول إلى لون يجذب الفتايات ذوات القلب الكسير، فلا تخشين مذاقه، وتتركن أنفسهن للتجربة .. تنتظمن على تعاطي أقراص النسيان، مع الإلتزام بالتعليمات؛ أن لا تشرعن نوافذ الماضي على مصرعيها، فخلفها عاصفة ربما تميت القلب، ويتركن الأماكن التي تركن فيها ذكرى لازالت تصدع في أركانها، ك صوت الرعد .. لو أن التعافي معبئ في أقراص، لجبرت قلوب مسكينة لم تعرف للشفاء سبيلا، لكن التعافي والنسيان لمن استطاع القفز من قلب إلى أخر، لمن يملك

"وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا"

يوم قررت إزالة الشاهد القديم الخاص بقبر أبي؛ لم أحدد كتابة دعاء أو ذكر أو آية معينة! يسألني المختص بالزخرفة؛ على ما أود أن أكتب بجوار اسم أبي؛ أجبته دون تردد وأنا مبتسمة {وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا}. إختارتنا الآية ولم نختارها؛ صدقا لم أختارها؛ نطق بها لساني دون قصد أو ترتيب؛ حتى آتيته بعد أيام لاستلام الشاهد؛ كنت أشعر ببعض من الإرتياح لا أعلم سره! عندما زرت قبر أبي في المرة الأولى وجدت الشاهد القديم مشروخا بفعل الوقت والطقس وتآكلت الكتابة وتلاشى تاريخ الوفاة واسمه العزيز! غضبت من الزمن والطقس والوقت والحياة ومني؛ وأخذت قرار إزالة الشاهد القديم؛ ووضع واحداً جديداً؛ لو كنت أملك وضع طبقة من طبقات قلبي لفعلت! لكن قلبي كله بين الثرى منذ ١٥ عاماً .. ♥️  بورسعيد| ٣٠ أكتوبر ٢٠٠٧ بورسعيد| ٣٠ أكتوبر ٢٠٢٢

حديث ذات ١١

 ألاحظ أن من هم أقل درجة "اجتماعية" كما يصنفهم الناس ويراهم المجتمع، هم أكثر رقة وبساطة وقربا للنفس، أثرياء بالحواديت والقصص والحكم، يملكون مهارة الحكي، يحدثونك عن ماضيهم وحاضرهم دون تحفظ .. لديهم تحدي لتقلبات الحياة دون ضجر، يملكون الكثير من الإيمان والصبر والقناعة بأن كله "رضا" إذا سألته عن حاله .. كسره خبز وكوب من الشاي يشبع بطونهم؛ وأقل معروف يملؤهم الإمتنان نحوك!  إن سمحت لهم بالجلوس بجوارك جلسوا ع استحياء، وإذا طلبت منهم شيئا؛ أجابوك من عيني! أصبحت أؤمن أن مثل هؤلاء هم سفراء السعادة على الأرض، لا يملكون شهادات ولا شهره ولا الكثير من الإنجازات، لكنهم يملكون قلبا نقيا لينا، لازال على فطرته الأولى، قليل من الذاد يغنيهم، وكثير من الجمال يفوتك إن لم تصاحب مثل هؤلاء، إذا ضاقت بك السبل، وإذا تحول الجميع من حولك إلى "أولاد ذوات" إذهب لبسيط يحدثك أن أغلب هؤلاء يعيشون في ضنك، يلهثون حول سراب، يتمنون لو ينعمون بلحظة من راحة القلب، لكن الحقيقة لا يجتمع حب الدنيا؛ والراحة في قلب واحد .. القاهرة | ٦ يناير ٢٠٢٣

طعام صلاة حب شفاء ٢

المدهش في الرحلة؛ أنني لم أتغير مرة واحدة؛ كنت مع كل محطة أتناول الأمور بشكلٍ مختلف؛ ربما كنت أسخر منها بالأمس؛ يتغير ذوقي في الملابس/ في الطعام/ في أسلوب الحياة مع كل فترة عمرية؛ لكن الثابت أنني كنت أبحث عن الملاذ!  في فترة العشرينات كنت أؤمن بأن الملاذ في أشخاص عن سواهم؛ في رجل عن غيره؛ في صديقة عن أخرى؛ إن نظروا لي نظرة رضا؛ رضيت عن نفسي؛ وإن لم يحدث كرهت ذاتي ولعنتها! تكالبت علي اللعنات كتعويذات سحر أسود تمتمت بها امرأة شمطاء سوداء الكف والقلب؛ كارهه للحياة والأشخاص؛ وسكبتها فوق رأس فتاة عشرينية؛ وأحرقت جسدها وسنوات طوال .. أخذت منى رحلة التعافي سنوات طويلة؛ لم يكن التعافي من داء جسدي فحسب؛ بل هناك داء يرث في الجسد والقلب والروح والعقل علّاتٍ مستعصية؛ داء الخذلان! الخذلان جعلني مثقلة الحركة فترة؛ (لا لم أقصد المعنى المجازي) أنا أقصد المعنى الحرفي للكلمة؛ كرهت الحركة دون عكازي؛ كان عكازي يتمثل في (وهم اسمه الحب الأول) هكذا الناس يطلقون عليه؛ (وهم الحب الأول) لكن من حسن حظي واتساع رزقي؛ كان حبي الأول حقيقتي الوحيدة؛ ونسختي الأجمل والأقرب؛ أقولها إمتنانا للحياة؛ وليس تحسرا وحزناً؛ وكم