في بيت چدي لأُمي كان الدرج غير مُتصل، كان عمودياً ومُفرغ، فيأخذني خيالي بأن أُسقط قدمي من بين الفراغات وأتخيل نفسي عازفة بيانو، فتتنقل أصابعي الصغيرة بين هُنا وهُناك ثم أرفع يدي عالياً، وكأني انتهيت من معزوفتي، فأفيق على صوت جدتي وهي خائفة عليّ من السقوط، جدتي كانت لا تعلم أن من نبتَّ فوق كتفيه جناحين، لنْ يسقُط أبداً، يظلُ في سمَّاء خياله سابحاً، تكبر معه أحلامه وتتوّرد، لا شيء يقتُل الأحلام إلا التوقف عنها، ولا شيء يُجهض الخيال إلا الواقع. -في نفس البناية التي تسكُن بها چدتي، منزل مهچور لن يسكنه أحد، ولكن سكن به خيالي، وحُلم تمنيتُ يوماً أن يتحقق، عقدتُ النية بأن أصعد له دون أن يشعُر بي أحد وخصوصًا الكِبار، الكِبار سيتهمُّوني بالجنون، وبالفعل صعدتُ وكسَّرت الباب، وجدت المنزل بلا شواغل أيضًا، ولكن رأيت الصورة التي رسمتُها في خيالي ترتسم أمامي مرةٍ ثانية بصورة واضحة، سأحولها لمكتبة، نعم مكتبة، وسأضع كل ما أملُك من كُتب في كُل رُكن، وسأصنع رفوفاً وسأُزينها، ثم أضعُ عليها كل اللوحات الورقية التي رسمتها في حِصص الرسم، كان مُعلم الرسم علمني كيف أرسم كل ما يقفز في خيالي، ولا أتركه إلا وهو ص