صباحي اليوم من بورسعيد اليوم نويت زيارة بابا؛ فذهبت كعادتي لبائعة الورد أطلب باقة من أربعة ورود بلدي؛ كانت الفتاة تختار الورد بعناية عجيبة؛ ثم ضمتهم وعقدتهم بشريطاً أسودِ اللون! دون أن أخبرها أن الورد لحبيب نائم منذ ستة عشر عاماً .. الشمس اليوم هادئة الحرارة؛ والهواء لطيفاً والشوارع هادئة؛ طقساً رحيماً يليقُ بقلبٌ مُلتاعٌ؛ أتعبه الغياب! يمر سائق التاكسي على مقابر الشهداء؛ فأطل برأسي من شباك التاكسي مدققة النظر على المقابر ثم همهمت بالفاتحة سراً وما أن اِنتهيتُ من التلاوة والدعاء؛ حتى وچدت نفسي أمام بوابة المقابر التي ينام بها بابا. ترجلتُ بهدوء حاملة باقة الورد في ضمة يدي؛ أحدث ذاتي! هنا يسكن الجميع؛ وهنا سأسكن أنا .. وذهبت أسأل على العم مجدي صديقي الذي يعتني بقبر أبي في غيابي .. وچدته بعيداً ينظف أحد المقابر ويروي زرعه؛ رآني فهرول نحوي متبسماً وقال أم الخضر حمد الله على سلامتك. وانطلق ليعد عدة النظافة؛ وأنا بجوار بابا أنتظره؛ أراقب آثار غيابي على المكان؛ لقد مات الكثير من الزرع ويبدو أن هناك زرعاً جديداً؛ المكان فعلاً به الكثير من التغييرات! أنا أعتني بقبر بابا وكأنه بيته؛ حجرته؛