أرسل لي أحدهم رسالة، صاحب الرسالة كان حبيباً يوماً ما لصديقتي المُقربة. يطلُب مني أن أجعلها تُسَّامحه، أن تغفر له قسوته، أن تعفو وتصفح لتبدأ معه من جديد، أن تتذكر ذكرياتهم الحُلوة، وسنواتهم الطويلة، أن تتذكر الأحلام والأُمنيات! قرأت رسالته وأنا أشعر بالغضب، بعد أن ختمها برجاء، أن لا أجعلها تقرأ رسالته المحشوة بالإنكسار والحنين، الرجال لا تنكسر، الرجال لا تحن .. الرجال يعودون بعد غياب ولهم الحق! يعُود الرجل بعد أن تقطع أُنثاه طريقٍ طويلٍ من الألم والحيرة، وبعد أن يُمزقها الحنين الأسود حتى تتغلب عليه، يعُود بعد أن أيقن أنها أصبحت أقوى، وأنها توقفت عن عقاقير النسيان .. وبدأت الحياة من جديد، حياة لا تشبه الأولى، ربمَّا رتبة ولكنها خالية منه، خالية من الإنتظار واللهفة والرغبة، ومن الخذلان .. هو لا يعلم عدد مرات الإشتياق، وليالي الوحدة والبرد والألم، والتساؤلات الحائرة التي لا إجابة لها. لا يعلم المُّكالمات الطويلة التي كانت تحدُث بيننا فأجذبها للحديث عن أي شيء، ثم فجأة يتحول صوتها لأنفاسٍ ضعيفة وهي تتساءل "لماذا هجرني" فأبدأ معها شوطاً جديداً من أشواط النسيان .. لا يعلم كيف تبدّلت