التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من يناير ٢٥, ٢٠٢٣

هل جربت أن تفقد عزيزاً

 هل جربت أن تفقد عزيزاً ؟ أن يتخلى عنك جُزءاً منك، أن تتوحد مع ذاتك بعد أن توحدت مع شخص ما اختارته الحياة لك كي تنصهر فيه ويصبح كُلٍ منكم كيانٍ واحد. هل جربت إن يتألم هو فتئن أنت، أن يبكِ هو فتصرخ أنت، أن يفرح هو فيرقص قلبك طرباً وسعادة، أن يضعف هو فتقوى أنت ليستمد منك القوة والعون حتى لو كُنت تتمزق في صمت. الخطأ عليك ! كان لابُد من خلق مسافات حتى لو كان هو الأرض والسماء والمَّاء والهواء والعالم بأسره، كان لابُد عدم الإنغماس بكيانك كله، كان لابُد من أن تحتفظ بجزءٍ منك لنفسك، أن يبقى لك سراً لا يعرفه أحد، جُزء منك لا يعرفه أحد، أحلاماً لا يعرفها أحد. مُنتهى القوة أن تحتفظ بنقاط ضعفك لنفسك، أن لا يطلعُ عليها أحد، أن تسُد على العالم كل مداخلك، أن يبقى في رُوحك قطعة ولو صغيرة لك - لك وحدك. كل مُر سيمُّر هكذا قالوا الكبار - نعم يمُّر كل مُر وتمُّر معه أياماً من العمر، ثقة لا تعود - شموس كانت تُدفء أراضينا تحولت إلى غيوم وبردٍ قاسي. طاقة نفذ رصيدها على الصبر، عيوناً أصبحت كالزُجاج ترى كل شيئاً باهت بلا ألوان. ويبقى القلب كالبيت المهجورة لا يصلُح أن يسكُن به أحد، بعد أن سكن فيه السَّاكن الأول

ثورة يناير ٢٠١١ م

في ميدان الحُرية كانت تصرُخ، قلبها يدُق كالطبُول دقاتٍ عالية، كاد يهرُب من بين ضلُوعِها ليطير في سمَّاء الوطن ليهتُف  "يسقُط يسقُط حُكم العسّكر"  حتى تسمعه ملائكة السمَّاء، كان هذا الهِتاف كالدُعاء ﻻ تهتف به إﻻ ونظرت إلى زُرقه السمَّاء بعينٍ دامعة ويداً مُرتعشة وكأنها تُناجي الله، تضُم بين ذراعيها علم الوَّطن الذي يحمُل ألوانه الثلاث ما بين اﻷحمَّر واﻷسوَّد واﻷبيض ، فـ اﻷحمر لون اﻷرض واﻷيادي التي صُبغت بلون الدماء، واﻷسود هو لون الضمائر والقلوب، واﻷبيض هو لون أحلام الشباب التي تمُوت كل يوم قبل أن تراها نُور الشمس! كتبت بخط يديها على ورقة بيضاء .. "لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تنسُّوا أن تغطوا جسدي العاري وأزيحوا عني الكاميرات .. "لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تُرددوا عني اﻷقاويل واﻹشاعات - ﻻ تبكُون وﻻ تصرخون ، فـ البُكاء و الصرِاخ عليكُم وليس علينا .. "لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تفعلوا شيئاً سوى أن تضعوني بجوار أخوتي الشهداء و تقرأوا لنا الفاتحة وإنصرفوا عنا بـ هدوء ، وأخبروا أمي أنني أحبها كثيراً، وأحب بلادي". وبعد ساعات من هتافها عثروا على تلك الورقة بين ملابسها المُمزقة