في ميدان الحُرية كانت تصرُخ، قلبها يدُق كالطبُول دقاتٍ عالية، كاد يهرُب من بين ضلُوعِها ليطير في سمَّاء الوطن ليهتُف
"يسقُط يسقُط حُكم العسّكر"
حتى تسمعه ملائكة السمَّاء، كان هذا الهِتاف كالدُعاء ﻻ تهتف به إﻻ ونظرت إلى زُرقه السمَّاء بعينٍ دامعة ويداً مُرتعشة وكأنها تُناجي الله، تضُم بين ذراعيها علم الوَّطن الذي يحمُل ألوانه الثلاث ما بين اﻷحمَّر واﻷسوَّد واﻷبيض ، فـ اﻷحمر لون اﻷرض واﻷيادي التي صُبغت بلون الدماء، واﻷسود هو لون الضمائر والقلوب، واﻷبيض هو لون أحلام الشباب التي تمُوت كل يوم قبل أن تراها نُور الشمس!
كتبت بخط يديها على ورقة بيضاء ..
"لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تنسُّوا أن تغطوا جسدي العاري وأزيحوا عني الكاميرات ..
"لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تُرددوا عني اﻷقاويل واﻹشاعات - ﻻ تبكُون وﻻ تصرخون ، فـ البُكاء و الصرِاخ عليكُم وليس علينا ..
"لو قُتلت برصاص الغدر ﻻ تفعلوا شيئاً سوى أن تضعوني بجوار أخوتي الشهداء و تقرأوا لنا الفاتحة وإنصرفوا عنا بـ هدوء ، وأخبروا أمي أنني أحبها كثيراً، وأحب بلادي".
وبعد ساعات من هتافها عثروا على تلك الورقة بين ملابسها المُمزقة ولكن لم يستطيع أحد تفسير ما كتبت بعد أن لُطِخت بدمائها ..
بورسعيد | يناير ٢٠١١ م.
تعليقات