التخطي إلى المحتوى الرئيسي

هل جربت أن تفقد عزيزاً

 هل جربت أن تفقد عزيزاً ؟

أن يتخلى عنك جُزءاً منك، أن تتوحد مع ذاتك بعد أن توحدت مع شخص ما اختارته الحياة لك كي تنصهر فيه ويصبح كُلٍ منكم كيانٍ واحد.

هل جربت إن يتألم هو فتئن أنت، أن يبكِ هو فتصرخ أنت، أن يفرح هو فيرقص قلبك طرباً وسعادة، أن يضعف هو فتقوى أنت ليستمد منك القوة والعون حتى لو كُنت تتمزق في صمت.


الخطأ عليك !

كان لابُد من خلق مسافات حتى لو كان هو الأرض والسماء والمَّاء والهواء والعالم بأسره، كان لابُد عدم الإنغماس بكيانك كله، كان لابُد من أن تحتفظ بجزءٍ منك لنفسك، أن يبقى لك سراً لا يعرفه أحد، جُزء منك لا يعرفه أحد، أحلاماً لا يعرفها أحد.

مُنتهى القوة أن تحتفظ بنقاط ضعفك لنفسك، أن لا يطلعُ عليها أحد، أن تسُد على العالم كل مداخلك، أن يبقى في رُوحك قطعة ولو صغيرة لك - لك وحدك.


كل مُر سيمُّر هكذا قالوا الكبار - نعم يمُّر كل مُر وتمُّر معه أياماً من العمر، ثقة لا تعود - شموس كانت تُدفء أراضينا تحولت إلى غيوم وبردٍ قاسي.

طاقة نفذ رصيدها على الصبر، عيوناً أصبحت كالزُجاج ترى كل شيئاً باهت بلا ألوان.

ويبقى القلب كالبيت المهجورة لا يصلُح أن يسكُن به أحد، بعد أن سكن فيه السَّاكن الأول سنين طوال، فشوهة جدرانه، ولوث أرضه، وكسَّر بابه ورحل.


لا تُعاشر بكل ما فيك، ولا تحلُم إلى أقصى درجة فـ الأحلام أكثرها أضغاث، ولا تطلب مِن مَن سكن قلبك أن يُحسن السكن، أحسن أنت الإختيار، وقِ نفسك شر القتال. 


وهون على نفسك ياصديقي فـ كل مُر سيمُّر.



بورسعيد|يناير ٢٠١٧



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٨

بالأمس قررت الكتابة عن شيءٍ ما، فـ جلستُ على كرسي خشبيّ مائل الظهر، ورفعتُ ساقاي لأعلى، ووضعت ساقٍ على أُخرى ثم أسندتهما على الحائط، واَنكببتُ على الورق، لكن بئسَ الكتابة التي تأتي عن قرار! الكتابة الصادقة كـ الولادة تأتي على غير موعد، هكذا تحدث، بعد سيلان من الماء وأشواطٍ من الألم ليعلن عن حدوث حياة تنبثقُ من رحم الآن.  بعد ساعة من التهيئةِ للكتابة لم أكتب! لكنني بكيت. حسنًا، سأعتبر دموعي حروفًا خَجِلة، تخرج على اِستحياء تود أن تطير وأن لا يبقى لها أثر، حروف لا ترغب في الخلود على الورق، ترفض أن يقرأها أحد، أن يحنو عليها أحد، أن يلومها أحد، وأن يجعل منها حدوتة!  حروف مبتورة ترفض أن تضاجعها حروف أخرى لتصبح كلمة، هي ترغب في أن تتبخر وكأنها لم تحدث!  ظلت تهبط دموعي على الورق، حتى هدَأ قلبي لكن ثمة دمعةٍ واحدة ظلت متحجرة في اِحدى زوايا عيني، ترفض الخروج! كأنها طفلة تخاف الخروج للعالم، أدقق النظر في المرأة لأمسح تلك الماسة المتحجرة، ولكنها تبقى مكانها ثابتة!  كان عليّ أن أفهم أن تلكَ الدمعة تحديدًا ليست حرفًا، بل كلمة كاملة، إن خرجت صرخت بالحكاية، وليست كل الحكايات تصلح ل...

حديث ذات ٤٧

في الماضي كنت فتاة تحب التفاصيل، تبحث عنها وتدقق النظر فيها ثم أسكب فيها كل ما أشعر، وأذيب مشاعري فيها بملعقة نارية لأتحول مع الوقت إلى كائن رخامي بلا إحساس، ومن ثم تتحول التفاصيل إلى لعنة على شكل فأس يشق رأسي نصفين ويتحول قلبي إلى فتات.  نضجت الفتاة، وأصبحت امرأة تعبث بالتفاصيل وكأنها خيوط تريكو ثم تتركها جانبًا .. ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤ م|بورسعيد