التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حديث ذات ١١

 ألاحظ أن من هم أقل درجة "اجتماعية" كما يصنفهم الناس ويراهم المجتمع، هم أكثر رقة وبساطة وقربا للنفس، أثرياء بالحواديت والقصص والحكم، يملكون مهارة الحكي، يحدثونك عن ماضيهم وحاضرهم دون تحفظ ..


لديهم تحدي لتقلبات الحياة دون ضجر، يملكون الكثير من الإيمان والصبر والقناعة بأن كله "رضا" إذا سألته عن حاله ..


كسره خبز وكوب من الشاي يشبع بطونهم؛ وأقل معروف يملؤهم الإمتنان نحوك! 


إن سمحت لهم بالجلوس بجوارك جلسوا ع استحياء، وإذا طلبت منهم شيئا؛ أجابوك من عيني!


أصبحت أؤمن أن مثل هؤلاء هم سفراء السعادة على الأرض، لا يملكون شهادات ولا شهره ولا الكثير من الإنجازات، لكنهم يملكون قلبا نقيا لينا، لازال على فطرته الأولى، قليل من الذاد يغنيهم، وكثير من الجمال يفوتك إن لم تصاحب مثل هؤلاء، إذا ضاقت بك السبل، وإذا تحول الجميع من حولك إلى "أولاد ذوات" إذهب لبسيط يحدثك أن أغلب هؤلاء يعيشون في ضنك، يلهثون حول سراب، يتمنون لو ينعمون بلحظة من راحة القلب، لكن الحقيقة لا يجتمع حب الدنيا؛ والراحة في قلب واحد ..



القاهرة | ٦ يناير ٢٠٢٣



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

الحب ٣

 لم أجد فِعلا رقيقا يليق بالمحبين بعد تبادل كلمات الغزل وأشعار الحب واللوم والإشتياق؛ مثل الخبيز وصنع الحلوى .. حالة عذبة رغم التوتر وربكة التجهيز تشبه خجل اللقاء الأول بين قلبين جمعهما الحب والرغبة؛ وكان الفضول ثالثهما يقلب كل منهما في مزاچ الآخر بمعلقه خشبية على نار هادئة ليكتشف كل حبيب مذاق وذوق محبوبه .. أحدهم يفلح ويصنع شطائر منثورة بالمكسرات محشوه بالعسل؛ والآخر يجتهد ويقدمها خالية من الحشو مغلفة بطبقة ذهبية من لهيب الإنتظار؛ وكلاهما في رواق العشق تحفهم رائحة الإشتياق وآثار الشغب والإكتشاف ..

حديث ذات ٣١

أنا أشبه البحر، يهدأ ويثور وحده، يحمل أسراره في قاعه المظلم، يتمنى الكثير لو كان يجرؤ على الغوص إلى قلبه، ليكشف ما تحت زرقته، لكنهم يخشون من الغرق .. يكتفون بالوقوف بعيداً؛ ليسترقوا النظر إليه، ويحاولون فك طلاسم أمواجه، ودائماً دائماً لن يفلح أحد. يدركون أن قلبه واسع وبلا أرض، يحمل الكثير من الأسرار والعوالم، والأصداف واللؤلؤات الحية، تموت فقط إن أمسك بها أحدهم .. يد البشر تجيد الإفلات بعد انتهاء الشغف بالأشياء وربما الأشخاص .. يدرك البحر أن لؤلؤاته تموت إن تركته وخرجت للنور، ورغم حزنه لن يبخل! البحر يطفئ غضب القلب، لكن لا أحد يعلم ما في قلبه، الجميع يأتيه من كل فچ عميق، ليلق بخيباتهم وانكسارتهم، ويرحلون بهدوء .. ويتركون ضجيجهم في قلب البحر، ويبدأ ضجيج أخر، لكن في قلب البحر المسكين .. يكتفي البحر بأن يمنح العالم مزاجاً رائعاً ولونا بهيجا، ويخرج من خير قلبه لمن حوله، ويعود وحيداً ..  تهدأ أمواجه بالليل، عندما تبتعد الأقدام بعيداً عنه، وترسل النجوم قبلاتها الناعمة له، فيسكن، ويخلع عنه رداؤه الأزرق، ويبدله بأسود حزين، يليق بقلب لن يفهمه أحد على سطح الأرض .. بورسعيد | سبتمبر ٢٠٢١