بنها/كفر سعد/ المدينة الجامعية
وليلة لن أنساها ..
كانت ليلة شتوية، أظنها كانت في ديسمبر، كنت أجلس وحدي في غرفة واسعة، كلما تذكرتها شعرت وكأني كنت في بطن حوت.
الغرفة كانت أغلب الوقت غير مرتبة، تليق بفتايات تغربن من أجل الدراسة، طوال اليوم يركضن، من أجل اللحاق بالمواصلات، بالمحاضرات، وباب المدينة الجامعية قبل أن يغلق في مواعيده الرسمية ..
حتى في هذه الليلة ..
الكل انصرف عن الغرفة بسعادة، كانت ضحكاتهن تسبقهن للبوابة الرئيسية، كنت أراقبهن من نافذة الحجرة التي تطل على أرض خضراء يزرع فيها التوت الأحمر .. ركبن الأتوبيس الذي كان ينتظرهن بالخارج ليحملهن إلى مدينة الملاهي، تعجبن مني عندما رفضت الذهاب معهن ..
كنت أحدث نفسي ..
متى ينصرفن عني ويتركوني وحدي في بطن الحوت ..
لم تكن يوما الغرفة مظلمة، ولا هادئة، كانت تعج بأسرارنا، وضحكاتنا، وحكايات أول العمر وأجمله.
لكن أنا والهدوء أختان توأماتان، إذا انصرفت واحدة عن الأخرى، تشتتت ..
لم أشكو وحدة قط، بل كانت ولازالت ملاذي وأماني ومأمني ..
وقفت أشاهد الغروب، أراقب ألوان الطبيعة وهي تتبدل في دقائق، كانت هواية مفضلة، الآن لا أعلم لماذا تخيفيني!
قطع شرودي صوت موظف الأمن!
(نهال بورسعيد، صالة ١٠٠ جيالك زيارة!)
أنظر لعقارب الساعة في ذهول!
الساعة ١٢ صباحا؛ مين هايجي لي دلوقت!
ركضت إلى البوابة، دون أن أشعر أنني لازالت بالبيچاما، ومكشوفة الشعر، فقط رفعته إلى أعلى، وركضت نحو الدرج، القلق دفعني دون تفكير، الإخطبوط الذي يكبلني من كل جانب دائما، ويجعلني أموت وأحيا في دقائق، انه الخوف!
حتى وجدته أمامي ..
بابا ..
نظر لي بأسف، علم ما الذي حدث بقلبي وعقلي، أخذني بين ذراعه، وقال وحشتيني ..
انصهر القلق، وتلاشى الخوف عني لأن بابا بجواري.
وضحكت، عندما سمعت ضحكات البنات تأتي من خلف البوابة ..
تذكرت ألوان الطبيعة، وهي تتبدل في دقائق؛ ثم ابتسمت ..
بورسعيد| ٣٠ يناير ٢٠٢٠ م
تعليقات