التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من مارس ٢٧, ٢٠٢٣

رسائل الحجر الصحي ٢

تزامن تقاعدي عن العمل بسبب مرضي المفاجئ مع تقاعد العالمين أجمعين عن عملهم، وشئونهم الصغيرة التي تتطلب الخروج إلى الشوارع.  الشوارع أصبحت خالية من البشر، أصبحت ملك للحيوانات، تلك هي فرصتهم العظيمة ليعيشوا كامل حريتهم من الأذى البشري .. وتحولت البيوت إلى قنابل موقوتة ستنفجر في أقرب وقت لأننا أمة تكره القيود، والتحذيرات. اجتماع أفراد العائلة الواحدة باختلاف أذواقهم وآرائهم تعد أكبر كارثة إنسانية على وجه الأرض .. يعيش العالم كارثة لا وصف لها  وأعيش أنا الآلام ليس لها وصف والله، رأسي يقطعه سكين الألم بدم بارد، وأنا لا حول لي ولا قوة .. أقول ااه، والعالم يقول لاا الآلامنا مختلفة لكن ثمة آلم يسبح فينا جميعاً في وقت واحد .. اسمعهم يتحدثون عن حظر تجوال، وعن موت محقق، وعن أموراً أخرى، أرى صورا لأصدقائي وهم يتلثمون بكمامات على سبيل السخرية، بيني وبين نفسي أحزن لما وصلنا له، لكن أهديهم ضحكة، مثل ما تعودنا ك عرب دائما أن نضحك على الآلامنا وأحزاننا، والآن نسخر من وباء لن يرى بالعين المجردة، لكن يرى آثره بعين واحدة في كل ركن من العالم ..  بورسعيد | ٢٨ مارس ٢٠٢٠

رسائل الحجر الصحي ١

أقول لأمي: الله يعلم أكثر من الجميع أنني القلق بعينه. لن أطيق التوجس من فيروس اسمه الكورونا، ولن أجيد ممارسة طقوس الحذر طوال الوقت، لذا أهداني شيئاً بسيطا لألزم فراشي طوال اليوم، ولأسكن عالمي الآمن كالعادة رغم الألم، والمنفصل عن عالمكم المتوتر رغم البهجة أحياناً .. أعيش حالة تبدو من ظاهرها قاسية، لكن بين طياتها الكثير من الرحمات .. المرض ملهم أحياناً؛ ويجعلك تبحث عن أسباب للحياة طوال اليوم. أنا لست حزينة على ما أصابني، أنا حزينة على كم الكتب التي لم أقروؤها، وكم الصلوات التي أهملتها طمعا في رحمة الله، وكم اللقاءات اللي آجلتها ظنا في أن غداً لناظره قريب، وكم الرسائل التي مزقتها بعد أن كتبتها بصدق حرصاً على كرامتي .. الآن أنا في المنتصف بين الحياة والموت .. أقف على حافة باردة، خلفيتها ضبابية، أنظر هناك ثم أعود بناظري إلى هنا .. الحياة قاسية، والناس أكثر قسوة، والله الناس أشد قسوة .. والله ما آلمني إلا من آمنتهم على نفسي، وأكثر من تمنيت لهم الخير، سعوا لهلاكي بكل صدق .. الحياة ليست عادلة يا أصدقاء ..   بورسعيد | ٢٧ مارس ٢٠٢٠