التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من أغسطس, ٢٠٢٣

حديث ذات ٢٩

أشعُر بالخريف، يقترب نحوي بخجل، يترك على خدي قُبله باردة، ويُدغدغ في قلبي ببعض حنين ..  أنظُر إلى الأشجار، لازالت بحُلتها الخضراء، تتمايل أوراقها بحُزن رقيق، تدنو مني، فأقف على أطراف أصابعي لألمسها، أُفكر في نزعها، فأذكر نفسي بالماضي البعيد، عندما كُنت طفلة، كانت تجذبني الزهور، فأُحاول نزع واحدة، فتُوبخني أُمي بكلمات رغم رقتها إلا أنها تركت في قلبي رهبة، ورعشة سرت في صدري خوفاً مِمَّا قالت ..  - تحبي حد يجي ياخدك مني؟ بعيونٍ حائرة ويدُور في رأسي الصغير استفهام، ما علاقة سُؤالك يا أمي بما فعلت! ثم أجيبها: لا  خلاص، لو قطفتي الوردة كل الورد اللي حواليه هيزعل ويموت!  يموت! يموت! يموت! نعم، هذا هو أكبر مخاوفي في الحياة، المَّوت، الذبُول، الوداع، الفراق ..  النهاية دائمًا تُقلقني، وتقسم قلبي نصفين، حتى لو كان قلبي لم يعد في المهد صبياً، لم يعد بكراً، لم يعد بكامل عافيته! لكن يظل في القلب شيءٌ يتجدد مع كل فصل، أقصد مع كل قصة! رُبمَّا الأمل، أن الحياة تدبُ فيه من جديد، وأن الربيع يظل في أرضه لا يرحل، وأن لا تتساقط أوراقه وتتعرى غصونه، وتذبُل نياطه، فنمُّوت! الحُزن يُميت، والحُب يُميت، والورد

حديث ذات ٢٨

أحاول أن أترك نفسي للنوم؛ جفوني ترفض أن تستسلم؛ وعقلي يكرر المشاهد اليومية؛ وقلبي يبوخني ويذكرني بأنه أصبح لا يطيق السهر .. بينما جسدي متراخ؛ يريد أن يسقط حتى الصباح؛ ويظل ساكناً دون حراك؛ أظل في هذه المعركة بعض دقائق؛ ثم أنظر لضوء المطبخ الذي مد خيطه إلى حجرتي وأبتسم؛ كأنه أراد أن ينبهني بأن الحل عنده؛ أقوم من فراشي وآترجل للمطبخ بكسل؛ لأبحث عن حيلة طيبة لفض هذه المعركة دون خسائر .. أريد أن أنام؛ وأن ينام كلي معي؛ لا أريد خسائر أو هزيمة لبعض مني على بعضي الآخر .. سأعد خليط من الأعشاب المهدئة وسأتركها تمتزج على نار هادئة؛ وسأكشف غطاء الأبريق ليترك رائحة العشب تذوب في صدري ربما يهدأ .. منذ فترة وأنا شغوفة بالأعشاب؛ يأخذني الفضول مرة للبحث عن حل لمشكلة صحية لأجد أن الدواء متاحاً في أرفف العطارين منذ زمن .. جربت أكثر من مرة في أكثر من علة؛ ونجحت التجربة؛ وتجربة الليلة أثق أنها ستنجح؛ فرائحة الأعشاب فعلت فعلتها السحرية؛ وعيوني بدأت تستسلم . بعد دقائق معدودة سأنام؛ وغداً سأبحث عن خلطة سريعة لعلاج أوجاع القلب .. بورسعيد | ٢٧ أغسطس ٢٠٢٢ 

حديث ذات ٢٧

أقرأ منشورات العام الماضي وأبتسم نصف ابتسامة؛ وفي عيوني دمعة؛ وفي حلقي مرارة .. رؤيتي لم تتغير إلى حد كبير؛ لكن صدى ضحكات الأصدقاء اللذين كانوا هنا بالأمس؛ وضحكات من أحب؛ تعليقاتهم التي كانت تحمل معنى مبطن لا يدرك معناه كلانا .. روابط الأغنيات المفضلة لي ولهم؛ وصورا تجمعنا في أماكن محببة للقلب؛ ونصوص قصيرة كتبتها وأنا في حالة عشق وفراق .. وصديقة كان مقامها من القلب؛ القلب كله؛ تركت لي ذكريات بيضاء كسحابة ربيعية؛ تمر ببطء على قلبي فتقبض قلبي مرة ومرات تجعلني أتنفس .. عاما يجعل الإنسان يتبدل ويتغير ويبعد عن حاله أميال؛ ويظل يكابد حتى تنقطع أنفاسه؛ ويأتي عاما بعده يقذفه إلى بر الأمان؛ وعلى كتفه "شوال" الذكريات .. بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢١

حديث ذات ٢٦

 ( 1 ) كلما نويت الكتابة تشابكت أفكاري، وقفزت حروفي بعيداً؛ فيصيبني التوتر، وأغلق حاسوبي بغضب وأنام! وعند الفجر تؤرقني فكرة، كطفلا بجوار أمه يصرخ ليوقظها لتعطيه ثديها، أقفز من سريري لأدون أفكاري قبل أن تتلاشى مني، الكتابة مثل الحب تأتي دون نية ودون قصد ودون سابق إنذار ..   ( 2 )  كل صباح أتفقد صندوق البريد الخشبي، مازلت أراسل أصدقائي على الطريقة القديمة، أرسل لأحدهم رسالة على ورق برائحة الليمون لأخبره أنني بمزاج منتعش وأود أن أخرج معه في نزهه برية؛ أرسل أخرى إلى صديقة تسكن بعيداً؛ أكتب لها أنني حزينة ومتعبة، أكتبها على ورق برائحة الڤانيلا، دائما الڤانيلا توقظ فينا الحنين، وأنا أعاني حنينا لا ينتهي.  أراسل امرأه عجوز تسكن في حي قريب، من الممكن زيارتها في أي وقت، لكن الفعل الأقرب إلى قلبي أن أكتب لها، أكتب لها حتى أبوح دون تحفظ وخجل رسالة قصيرة على ورق بمزاج الريحان، وهو أنني أشعر بالأمان، وقلما ما شعرت ..  يراسلني رجلاً كل مساء يكتب لي كيف كان صباحه، وكيف كان حلم الليلة الماضية، يطالعني جريدته، ويخيرني ألوان بذلة كل اجتماع، يطلب مني اسم عطر، لكنني آدعي بأنني لا أعرف، فأختيار عطر لأحده

حديث ذات ٢٥

مواقع التواصل الإجتماعي جعلت من حياتنا أضحوكة؛ ورفعت الستار عن حجرات بيوتنا؛ فكشفت عوراتنا؛ وبرزت أخطائنا؛ وحولت يومياتنا إلى مشاهد كوميدية سوداء؛ يسخر منها السافه والتافه والأقل شأنا .. ضغطة على زر ناعم تجعل كل من هب ودب يحصل على لقب صديق لك؛ وبنفس النقرة على ذات الزر تنتهي العلاقة وتتجمد .. أنا لا أعترف بعلاقات تتحكم بها الأزرار؛ ربما يجمعنا مزاج مشترك في فضاء هذا الكوكب؛ وربما تنمو العلاقة وترتقي لمكانة الصداقة -ربما- لست متأكدة! لكني أؤمن جداً بأن العلاقة التي تنتهي بذلك اليسر لم تكن صداقة؛ كانت من دواعي الرفاهية فقط؛ كان من الممكن الإستغناء عنها بمشاهدة فيلم في سينما أو تناول وجبة شهية غنية بالسعرات الحرارية .. ستغلبك السعادة وستلذذ بحلو مذاقها؛ وستتجاهل الفوضى التي حدثت في معدتك المسكينة لكن لن تندم أبدا؛ الندم لا يأتي إلا بمعرفة البشر .. بورسعيد | ٢١ أغسطس ٢٠٢٢