التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

عرض المشاركات من نوفمبر, ٢٠٢٣

حديث ذات ٣٨

ينقر المطر بحباته على زجاج نافذتي، فأقفز من سريري وكأن أحدهم يناديني، أفتح نافذتي على مصرعيها، وأنا حافية القدمين، يلفحني الهواء البارد، يطير شعري، يطير قميصي، فيشف ما تحته، أنظر للسماء، فتهبط دموعها على وجهي، فلا أعرف هل هذا بكائها أم آثر بكائي .. أراقب النجوم وهي تبهت، تظل تبهت حتى أظن أنها تحترق، أنظر للقمر وكأني أرجوه أن لا يختفي، ف ليل الشتاء طويل وبارد وليس هناك من يقاسمني قسوته. أطل بنظري لبعيد لأري الثلاث شجرات، بعد أن أصبحن عاريات من أوراقهن، يقفن في خشوع وكأنهن في صلاة طويلة، رغم الحزن والأسى الذي يبدو على جذوعهن .. أسمع بكائهن، وأشاركهن أحيانا، فأنا يوما ما كنت شجرة، قبل أن ينبت فوق ظهري جناحين .. بكاء الشجرة مؤلم، أن تمر من جوارها، أو تستند عليها، أو تنقش عليها أسم من تحب، أو تأتيها الطيور من كل مكان لتنسج بين فروعها عش صغير لفراخها وتعود لهم في المساء .. ثم يأتيها أحدهم دون حق الرفض أو القبول منها ويسلبها حق الحياة، ويبتر عروقها من الأرض .. أنظر للقمر من جديد، عاد كطبق من نور، وكأنه اغتسل بالمطر، والنجوم أصبحت أكثر اقترابا، وكأن بيني وبينها أن أقف على أطراف أصابعي، ولكني ا

بنفسج ٣

  بنفسج | مارس ٢٠٢٢

بنفسج ٢

في واحدة من المواقف التي لن أنساها أبدا .. كنت في إحدى الشركات أسدد فاتورة تليفوني وكانت بجواري سيدة منتقبة؛ تنظر لي بدقة وتطيل إلي النظر، شعرت بالحرج، وشعرت أن بي شيئا ليس مريحا أو صحيحا.  نظرت لنفسي جيدا، أنا محتشمة، وملابسي فضفاضة، أسأل نفسي بغيظ لماذا تنظر لي هذه النظرات! ثم تجرأت: في حاجة؟  أبدا يا حبيبتي: انتي مصرية؟ ابتسمت لها وهززت رأسي بالإيجاب  ثم جلست لأنتظر دوري فجلست جواري  نظرت لها دون أن تشعر وجدت حجابها باليا عبائتها ممزقة، حذائها ممزق، ثم تمزق قلبي لما رأيت. أنا عندي 55 سنة وعندي ولد واحد بس مطلع عيني انا أرملة ونفسي اتجوز تاني بس هو مش راضي، جالي ناس كتير مناسبين وكنت برفض علشانه، لبست النقاب دا غصب عني أنا جميلة جدا ع فكرة، بس أبوه كان بيغير عليا وهو كمان اتعلم منه الطبع دا، والله يا بنتي أنا في عذاب ومعرفش أنا بحكي لك ليه! سردت حكاية كاملة من العذاب والتملك والسيطرة ونكران الذات .. تبدو فعلا جميلة، وبسيطة، وطيبة القلب .. لكن ما لفت نظري وشغف قلبي طفولتها المكبلة التي شعرت بها دون أن تتحدث.  سددت فاتورتها ثم انتظرت قليلا بالخارج كنت لا أعلم أنها تنتظرني.. سددت بدوري

بنفسج ١

تجذبني من أطراف ثيابي، فأنظر لهذا الكائن الذي لا يتجاوز طوله رُكبتي، ثُم أجلس في وضع القُرفصاء ليتساوى الطول بيننا، وتقترب المسافات. چنة، اِسمُها چنة، طفلة جميلة، خفيفة الظل، وليست مُطيعة، عنيدة، ذكية، ومُشاغبة .. وللحق أنا أُحب الأطفال اللذين نقول عليهم "أشقياء" إن جئنا للحق نحن الأشقياء، المُتعِبين، المُتعَبين، لكن هم رُوح المكان، رُوح العالم بآسره، صوت الملائكة آينما حلّت في أي بقعة على الأرض. طلبت مني چنة أن أُهاتف أُمها، لتحضر حفل عيد ميلادها، لقد اشترت لها "چنة" كارتاً مكتوب عليه بخطٍ مرتعش "بحبك ياماما". طلبتُ من چنة أن تمنحني الوقت وتصبر قليلاً، عقدت حاجبيها ووضعت ذراعها الصغير على خصرها وردت "لحد امتى". ابتعلتُ ضحكتي، فأنا مُعلمتها ويجب عليَ أن ألتزم بالقليل من الحزم، أنا أُحاول طوال الوقت، لكنني أريد ان أخلع رداء الكبار وأركض معهن حتى أرتمي على الأرض مثلهن. كذبتُ عليها وأخبرتها أنني اتصلت بالفعل بأُمها، وأنها ستحضر، لكن الحقيقة أن أُمها إعتذرت عن الحضور، وأخبرتني أنها لن تحضر مرةٍ ثانية، لأن زوجها رافضاً أي إتصال بشيئ يُذكرها بزوجها الأ

حديث ذات ٣٧

غزلت من الصبر، ثوبا أنيقا، يحسدني عليه المقربون، هم لا يرون تلك القروح التي أصابت روحي، ثوبي لا يكشف ولا يصف، وطبقات قلبي رقيقة، تمزقها كلمة، ورغم رقتها، يستطيع قلبي أن يصبر من جديد، وكأنه لم يصبر من قبل، فيعود ويغزل أثوابا أجمل .. هكذا دائما، كلما زادت حمولته، وقرب صبره على أن يفرغ، صنعت ثوبا جديدا، يليق بي، وبمقاسات روحي .. ١٣ نوڤمبر ٢٠١٨ | بورسعيد