ينقر المطر بحباته على زجاج نافذتي، فأقفز من سريري وكأن أحدهم يناديني، أفتح نافذتي على مصرعيها، وأنا حافية القدمين، يلفحني الهواء البارد، يطير شعري، يطير قميصي، فيشف ما تحته، أنظر للسماء، فتهبط دموعها على وجهي، فلا أعرف هل هذا بكائها أم آثر بكائي ..
أراقب النجوم وهي تبهت، تظل تبهت حتى أظن أنها تحترق، أنظر للقمر وكأني أرجوه أن لا يختفي، ف ليل الشتاء طويل وبارد وليس هناك من يقاسمني قسوته.
أطل بنظري لبعيد لأري الثلاث شجرات، بعد أن أصبحن عاريات من أوراقهن، يقفن في خشوع وكأنهن في صلاة طويلة، رغم الحزن والأسى الذي يبدو على جذوعهن ..
أسمع بكائهن، وأشاركهن أحيانا، فأنا يوما ما كنت شجرة، قبل أن ينبت فوق ظهري جناحين ..
بكاء الشجرة مؤلم، أن تمر من جوارها، أو تستند عليها، أو تنقش عليها أسم من تحب، أو تأتيها الطيور من كل مكان لتنسج بين فروعها عش صغير لفراخها وتعود لهم في المساء ..
ثم يأتيها أحدهم دون حق الرفض أو القبول منها ويسلبها حق الحياة، ويبتر عروقها من الأرض ..
أنظر للقمر من جديد، عاد كطبق من نور، وكأنه اغتسل بالمطر، والنجوم أصبحت أكثر اقترابا، وكأن بيني وبينها أن أقف على أطراف أصابعي، ولكني اختارت أن أطير، أطير كالعصفور الحر، ولكني سأموت واقفة كالشجرة ..
بورسعيد |١٩ أكتوبر ٢٠١٨
تعليقات