التخطي إلى المحتوى الرئيسي

ذاتي ما بين الشغف والعمل ٤



كانت رواية بطعم مزاجي؛ كتبت على نار هادئة، كنت أضع مقاديرها بهدوء وتروي؛ وصبر حزين، ثم أحرك معلقتي، أقصد قلمي، يمينا ويسارا بين السطور؛ حتى تتماسك؛ وتصبح شهية؛ وصالحة للتقديم أقصد النشر ..


أكتب بهدوء رغم إعصار الروح، أكتب بثبات وقلبي يرقص من الألم، أمضغ الوحدة وأنا أتمدد بين صفحات كتاب لازال في قلب جهاز أصم، ولكني آستأنس به؛ لأنه عالمي الذي خلقت ..


أرسم شخص وسيم، ولكنه بقلب قبيح، وأخرى مدللة بقلب حزين، وأخر بقلب نبيل وأخلاق رجل شهم، وصديقة نذلة، وسيدة أمية، طيبة، قلبها واسع، تملك من الأمومة ما يكفي أطفال العالمين؛ إلا الرحم الذي ينبض بالحياة ..


وفي الخلفية يمر العمر، من وقت ذهبي؛ كانت فيه الشوارع؛ والبيوت؛ والقلوب أجمل، حتى آتى عام الثورة!


وما أحدثه من تغييرات نفسية؛ واجتماعية؛ وإنسانية؛ وأيضا أخلاقية .. 


أكتب ثم أزيل ما كتبته بعد شهور لأنني أتغير؛ ولأنني أتبدل؛ لا أعلم إن كان للأفضل أم لا؛ ولكنني الآن أقرب إلى نفسي!


كان كل ما يشغلني أن أكتب ما أؤمن به وما أصدق، وما أحب وما لا أحب، عن كل قناعاتي التي تغيرت مع الوقت والمواقف ومع مرور الأشخاص .. 


أن أدافع عن الإنسان بكل سقطاته، وأرفع عن رقبته سيف الجلاد الذي يسنه ممارسو دور الإله في أوقات الفراغ!


أن أكتب عن الغفران، وعن النسيان، وعن البدء من جديد، ليس في ذات الطريق الذي خطونا فيه يوما، البدء مع النفس، مع الحياة، ومع من نحب، أو مع من يحبنا بصدق .. 


أردت أن أكتب عن الفرصة الثانية التي تأتي بعد أن ظننا أن الحياة لا تمنح فرصا جديدة، نقطع الكثير من العمر نحمل في رؤوسنا فكرة غير عادلة، أن الحياة تسلب وتأخذ وتسرق .. 


الحياة تأخذ وتمنح دائما، ولن ندرك ماهيتها ولا قيمة الأشخاص ولا قيمة ذواتنا إلا بهذه الفلسفة .. 


فلسفة المنح والأخذ؛ لعبة الحياة معنا دائما؛ التي لن تنتهي أبدا؛ إلا بإنتهاء الحياة ..


بورسعيد | ديسمبر ٢٠٢١ 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٣٨

بعد منتصف الليل، أنت وحدك تماماً تشاركك السهرة دميتك، وكتابك الذي تحاول أن تقرأ فيه، فتتلاشى السطور وتذوب حبكة الرواية منك، تحاول أن تفر من تلك الأفكار التي لا تأتيك إلا في تلك الساعة! الجميع في سبات عميق، وأنت تحاول أن تقنع نفسك أنك بخير، فتضم دميتك الصغيرة إلى صدرك وتدعي النوم .. بالأمس، الأمس البعيد، عندما كنت صغيراً كان هذا يهون عليك كثيراً عندما كنت تظن أن دميتك تسمع وترى وتشعر وتشاركك قراراتك الهامة، فتشعر أنك لست وحيداً حتى لو لم يكن لك من الأصدقاء والأخوة الكثر. أما الآن، أنت كبير، كبير أن تعترف بأحزانك للأصدقاء، وأن تذهب لفراشك مبكراً - وأن تضم دميتك إلى صدرك، كبير لدرجة مثيرة للشفقة، حتى بعد أن رحل الجميع عنك، رفضت الدمية الجماد أن يبلى قماشها، وأن تلفظ حشوها، فتتلاشى عنك مثل الجميع، واختارت أن تبقى بجوارك، تنتظرك أن تخلع عنك رداء الكبار، وتضمها إلى صدرك ببراءتك القديمة ربما تنام سعيداً .. ٢٢ أكتوبر ٢٠٢١ | بورسعيد 

بنفسج ٢

في واحدة من المواقف التي لن أنساها أبدا .. كنت في إحدى الشركات أسدد فاتورة تليفوني وكانت بجواري سيدة منتقبة؛ تنظر لي بدقة وتطيل إلي النظر، شعرت بالحرج، وشعرت أن بي شيئا ليس مريحا أو صحيحا.  نظرت لنفسي جيدا، أنا محتشمة، وملابسي فضفاضة، أسأل نفسي بغيظ لماذا تنظر لي هذه النظرات! ثم تجرأت: في حاجة؟  أبدا يا حبيبتي: انتي مصرية؟ ابتسمت لها وهززت رأسي بالإيجاب  ثم جلست لأنتظر دوري فجلست جواري  نظرت لها دون أن تشعر وجدت حجابها باليا عبائتها ممزقة، حذائها ممزق، ثم تمزق قلبي لما رأيت. أنا عندي 55 سنة وعندي ولد واحد بس مطلع عيني انا أرملة ونفسي اتجوز تاني بس هو مش راضي، جالي ناس كتير مناسبين وكنت برفض علشانه، لبست النقاب دا غصب عني أنا جميلة جدا ع فكرة، بس أبوه كان بيغير عليا وهو كمان اتعلم منه الطبع دا، والله يا بنتي أنا في عذاب ومعرفش أنا بحكي لك ليه! سردت حكاية كاملة من العذاب والتملك والسيطرة ونكران الذات .. تبدو فعلا جميلة، وبسيطة، وطيبة القلب .. لكن ما لفت نظري وشغف قلبي طفولتها المكبلة التي شعرت بها دون أن تتحدث.  سددت فاتورتها ثم انتظرت قليلا بالخارج كنت لا أعلم أنها تنتظرني.. سددت بدوري

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو