التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عزيزتي نون ١

مرحباً عزيزتي نون ..


دعيني أولاً أحدثك عن نفسي؛ رغم يقيني أننا كمعشر نون صورة متكررة الشعور والحدث؛ بغض النظر عن العمر؛ والإنتماء؛ والموقع الجغرافي؛ أو الإجتماعي؛ ودورنا الإنساني والمهني ..


أحدثك عن ليلة ما؛ أنا وأنت وهن؛ بكينا فيها حتى النزف، وانتظرنا في الصباح التالي؛ أن تشرق الشمس لتنير ظلام القلب؛ لكنها أدبرت قرصها الحاني عن صدورنا؛ وكأننا لا نستحق الحياة! 


أنا وأنت وهن؛ خذلنا حبيب وصديقة وأهل ووطن!


أنا وأنت وهن؛ قهرنا قانون عمل؛ وأعراف معتوهه! 


أنا وأنت وهن؛ قضينا ليال صيفية وشتوية نطوي الليال على مر المواسم؛ نبك سرا؛ دون أن يشعر بنا أهل؛ وفي الصباح نمارس طقوس الإدعاء؛ نخفي آثار البكاء والسهر بالمساحيق؛ ثم نسدل على العيون المهزومة نظارة شمسية!


ونسينا أن الهزيمة؛ تصرخ بها الجسد؛ وتبوح بها نبرة الصوت، وتنطق بها حركات اليد ..


بعد كثير من الوقت والتجارب ومرور الأشخاص؛ بعد التعلق الذي شق القلب إلى نصفين، وتدنيس الوعد؛ وتقديس من لا يستحق شرف المرور في حياتك وحياتي!


أدركت أخيرا بعد أشواط من الألم؛ أن الحرية هي جل النعم؛ أن تكوني حرة من كل القيود الوهمية التي ننسجها بخيوط من الزيف؛ مصبوغة بالألوان الصناعية!


الحرية من وهم الخوف من الوحدة والهجر، والتخلي وذبول جمالك وسن اليأس المزعوم وفراغ رحمك، وخلو دارك!

 

الحرية من اعتناق معتقد أو فكر بور أصبح عفن لا يصلح ولا يليق بكرامة انسان!


الحرية من زواج أو صداقة أو حب صبغ هالاته الزرقاء تحت عيونك!


اخلعي كل ما يقيد سعادتك ويهين كرامتك، وتنفسي الحياة؛ تأملي لمسات الله العظيمة في الكون وفيك، وفي العالمين، وثق أن كل الأقدار صديقة لك؛ حتى لو مؤلمة!


اجعلي الأحزان تمر بسلام؛ وانعشي حاضرك بالأمل والثقة في ذاتك وفي صنع ربك؛ اجعلي ظهرك منصوبا؛ ورأسك مرفوعة؛ وقلبك ساجدا طوال يومك، ولسانك صامتا إلا في الحق ..


الصمت صيام العارفين؛ فيه تترفعي عن صغائر الأمور، وتصد عنك صغار العقول؛ الصمت تأمل لعقلك وروحك، وتهذيب لقلبك؛ وتعذيب لعدوك! 


عزيزتي نون ..


اخلقي عالما يشبه لك؛ بمعايير ومفردات خاصة بك؛ واكتفي بالقليل في كل الأمور الأشخاص؛ الخطط؛ العبادة ..


واسالي الله أن يجعل فيهم الخير كله؛ وأن يجعلك أهل لهم؛ عاشري بإحسان؛ واهجري بإحسان؛ وإياك والعتاب؛ فالجميع يدرك لما يفعل؛ سامحي؛ واغفري؛ واياك والنسيان!


دوني أحلامك الجديدة؛ في أوراق بيضاء تليق بنواياك، واقبري ماضيك؛ وازرعي وردة على عتبته؛ ورتل آيات السلام؛ وانصرفي عنه لمستقبلك ..


ولا تنسي؛ لا عزاء بعد ثلاث؛ إذا كان المتوفى عزيزا ..


وكل العمر وأنت حرة .. ♡


أتمنى لك عام ألطف ♡



بورسعيد | ٢٢ ديسمپر ٢٠٢١ 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٣٨

بعد منتصف الليل، أنت وحدك تماماً تشاركك السهرة دميتك، وكتابك الذي تحاول أن تقرأ فيه، فتتلاشى السطور وتذوب حبكة الرواية منك، تحاول أن تفر من تلك الأفكار التي لا تأتيك إلا في تلك الساعة! الجميع في سبات عميق، وأنت تحاول أن تقنع نفسك أنك بخير، فتضم دميتك الصغيرة إلى صدرك وتدعي النوم .. بالأمس، الأمس البعيد، عندما كنت صغيراً كان هذا يهون عليك كثيراً عندما كنت تظن أن دميتك تسمع وترى وتشعر وتشاركك قراراتك الهامة، فتشعر أنك لست وحيداً حتى لو لم يكن لك من الأصدقاء والأخوة الكثر. أما الآن، أنت كبير، كبير أن تعترف بأحزانك للأصدقاء، وأن تذهب لفراشك مبكراً - وأن تضم دميتك إلى صدرك، كبير لدرجة مثيرة للشفقة، حتى بعد أن رحل الجميع عنك، رفضت الدمية الجماد أن يبلى قماشها، وأن تلفظ حشوها، فتتلاشى عنك مثل الجميع، واختارت أن تبقى بجوارك، تنتظرك أن تخلع عنك رداء الكبار، وتضمها إلى صدرك ببراءتك القديمة ربما تنام سعيداً .. ٢٢ أكتوبر ٢٠٢١ | بورسعيد 

بنفسج ٢

في واحدة من المواقف التي لن أنساها أبدا .. كنت في إحدى الشركات أسدد فاتورة تليفوني وكانت بجواري سيدة منتقبة؛ تنظر لي بدقة وتطيل إلي النظر، شعرت بالحرج، وشعرت أن بي شيئا ليس مريحا أو صحيحا.  نظرت لنفسي جيدا، أنا محتشمة، وملابسي فضفاضة، أسأل نفسي بغيظ لماذا تنظر لي هذه النظرات! ثم تجرأت: في حاجة؟  أبدا يا حبيبتي: انتي مصرية؟ ابتسمت لها وهززت رأسي بالإيجاب  ثم جلست لأنتظر دوري فجلست جواري  نظرت لها دون أن تشعر وجدت حجابها باليا عبائتها ممزقة، حذائها ممزق، ثم تمزق قلبي لما رأيت. أنا عندي 55 سنة وعندي ولد واحد بس مطلع عيني انا أرملة ونفسي اتجوز تاني بس هو مش راضي، جالي ناس كتير مناسبين وكنت برفض علشانه، لبست النقاب دا غصب عني أنا جميلة جدا ع فكرة، بس أبوه كان بيغير عليا وهو كمان اتعلم منه الطبع دا، والله يا بنتي أنا في عذاب ومعرفش أنا بحكي لك ليه! سردت حكاية كاملة من العذاب والتملك والسيطرة ونكران الذات .. تبدو فعلا جميلة، وبسيطة، وطيبة القلب .. لكن ما لفت نظري وشغف قلبي طفولتها المكبلة التي شعرت بها دون أن تتحدث.  سددت فاتورتها ثم انتظرت قليلا بالخارج كنت لا أعلم أنها تنتظرني.. سددت بدوري

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو