التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أسرار القلوبْ

ماذا لو كان بإمكاننا أن نشقْ عن كل قلبْ جانبيه لنرى ما يسكنْ بداخله، فـ في مرة سنعود خطوتينْ للوراء؛ وربما دهراً كاملاً، عندما نرى أننا ليس لنا في هذا القلبْ الذي أحببناه شيئاً؛ ولا حتى نبضة، وأن سوانا قد إلتهم هذا القلبْ لأخر قطعه.


ومرةٍ أخرى نندم على المسافات التي قطعناها بعيداً عن تلك القلوب المُحبة لنا من أجل قلوبٍ أخرى.


القلوب حُجر أسرارها عظيمة لا يليقُ عليها مُطلع إلا الله ..


الله ينبتْ المحبة، والله ينزعها كيف يشاء وقتما يشاء، ونحنُ لا حول ولا قوة لنا.


الحُب ذُل؟

لا ليس بذُل، الحُب خُلق، وقليلاً في عهدنا هذا من تحلى بالخُلق، وقليلاً جداً من تزينْ بالحُب، وكثيراً جداً منْ تصبَّر بالصبْر..


الحُب زينة لمن لا زينة له، وجمال،ٍ وحُلَّة، ودلالٍ، وهواءٍ، وماءٍ، وزادٍ لكل محُروم.


الحُب للصائم عنه وجبة دسمة، إن أكلها على عجل،ّ دون ترويّ هلك، فلن يستطيع بعدها صياماً ولا قياماً ولا قعوداً.


ولا يقبل منه نُسك، بعد أن أصابت روحه بالعطب،ْ وقلبه بالشقق،ْ وجسده بالبلاء، فلنْ يستطع ثانيةً إلى الحُب سبيلا!


أما عن أسرار القلوبْ.


قُلْ هي سرٍ من أسرار الله، قطعة صغيرة تنبُض بكل معاني الحياة.


حُزناً، وفرحاً، وقلقاً، وخوفا،ً وخجلا،ً ووجلاً، ورجفا،ً وسكناً، وندماً ..


حتى عند الموت ينبض نبضات جنونٍ ورفض وترجيّ أن يبقى في الحياة حتى لو قليلاً .. 


القلب ينطق أحياناً بالكلمات عند الفراق؛ يصرخ مُتوسلاً لمحبُوبه أن يبقى بالجوار، أن يظل ساكناً حتى لا يعود خاوياً مُظلماً ..


القلبْ هو الذي عاشر سنوات، وكبَّر بداخله الحُب ليلةٍ بعد ليلة، القلبْ هو الذي كان في معركة مع العقل دائما؛ حتى يأس منه فترك له الأمر، أقصد ترك له الجرح.


القلبْ هو الرحم الذي تحمَّل نشوة ولادة هذا الحُب، والآلام سقوطه نزفاً، القلبْ هو الذي ضعُفَتْ قوته، وأصبح هزيلاً بعد الفِراق، فأصبح لا يَقوى على حمل حُباً جديداً ..


رفقاً بقلوبكم، سيسألنا الله عنها ..


تعوذوا بالله من الألم، ومن حبيب لا يليقُ بالحُب، ومن الحُب الذي لا يُسمن ولا يغني من جُوع، ومن حُب يذل لا يرفع، وحبيب يتخلى ولا يشفع، وطريقٍ نمشيه مظلم وظالم نختاره بكامل إرادتنا ..


اليوم الجديد | ٣ ديسمپر ٢٠١٦ م



تعليقات

‏قال وعيّ
اللهم حباً يعيد ما انطفأ، اللهم حباً يرضيك

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٣

كانت چدتي تجيد الخبز والطبخ والحياكة واضحاك قلبي؛ أما أمي فلها فنون أخرى؛ وحدها تملك تميمة حب وشفاء؛ تمسح بها عن جسدي ما علق به من الآلام!  كلما كبرت اشتقت لرحم أمي؛ وكفوف جدتي؛ وفستاني الوردي وألعابي؛ أظن بنفسي بأنني أستطيع مواكبة العالم؛ لكنني للحق؛ لا أريد تلك الحروب أو ربما لا أملك القدرة من الأساس! أنا في الأساس انسان يميل للحياة السهلة والطقوس اللطيفة؛ لماذا تعاركني الحياة إذن؟ أنا أريد رحم أمي؛ حيث لا يراني أحد؛ يحاوطني ماء الحياة؛ أشارك أمي أنفاسها وطعامها ودقات قلبها؛ ثم أخرج لدار جدتي لتضمني بكفوفها؛ ثم لا أكبر أبداً .. ولا يرحل أحد منا؛ ونظل معا إلى الأبد. بورسعيد | ٢٨ يناير ٢٠٢٤

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو