التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حديث ذات ١٧

كان أبي يبحث عن اسم جذاب لتسميتي به، ليترك لحن في أذان من يسمع اسمي، كان دقيقا حتى في أبسط الأشياء، لتتحول إلى أمور في غاية التعقيد ..


نهاد - لقد وقع الإختيار من بين أسماء كثيرة، على أن يصبح اسمي نهاد - وتوجه بالفعل لمكتب الصحة ليسجل الإسم المختار ليقرنه بي حتى الممات دون اختيار مني!

ولسخرية القدر، يسمع الموظف المختص الإسم باللام وليس بالدال - ليتحول اسمي من نهاد إلى نهال ..


كلما تذكرت حديث أبي عن هذا الموقف، أتذكر أنني بحاجة لأن أؤدي صلاة شكر طويلة، أنني أصبحت باللام وليس الدال، 《ولتوضيح الأمر》أنا لا أحب الأسماء المشتركة، التي تقبل القسمة على الرجل والمرأة.

تحول اسمي من معنى لمعنى مختلف تمامًا، بفضل حرف-حرف واحد - حرف وصدفة ..


أما السيدة الحلوة التي كانت تجلس بجواري، أثناء سفري إلى مكة، كانت ك الطيف اللطيف، كلامها طيب، صوتها حنون، وعيونها صافية ك ماء زمزم، وكان اسمها ليلى.


السيدة ليلى، تعلمت منها أن الله لا يعبد بالتعاليم، الله يعبد بالحب، أن الصلاة ليست بالجسد، بل بالروح، تعلمت منها في أيام قليلة ما لم اتعلمه طوال سنوات عمري. 


سمعتها تهمس بالدعاء وهي جالسة على الأرض، في المسجد الحرام، تنظر للسماء، وعلى وجهها تنهمر الدموع.

《يارب ماتحرمنيش من بيتك》مرات ومرات دون تعب. 


انتهت ليلى من دعاؤها، وجلست بجوارها.


سألتها أول مرة تيجي؟

أجابت بثقة الحبيب في حبيبه، عندما يأتي أحدهم لينزغ بينهم.

"لا أنا موجودة هنا كل سنة، ربنا بيجيبني هنا ع طول" 


أنا قزمة، ذلك ما شعرت به، وأنني أجلس بجوار أجمل نساء العالم، ياليتني بذلك اليقين!


في رحلتي هذه كنت أبحث عن المغفرة، وهي في ركعتين لا يدري عنهم أحد، من داخل غرفتي.

كنت أبحث عن الراحة، وهي في اعتزال الناس، وأن أشغل نفسي بالحق وليس الباطل.  

كنت أبحث عن الله، ونسيت انه في قلبي، حتى الممات.


عندما أسافر، أبحث عن الشغف، عن بقايا حلم، فأجد حلم جديد يعرف طريقه نحوي، أو شخص يمنح لي الكثير من المعرفة والمحبة، أو طريق جديد لم أسلكه من قبل، أصبح هو سبيلي للحياة.  


عندما انتقلت من مسكن إلى مسكن جديد، اعتقدت أنني أترك ذكرياتي القديمة لأصنع الجديد، أتخلى عن أصدقائي القدامى، فأنسج علاقات أكثر نضجا، ربما جعلني أشعر لبعض الوقت أنني "نذلة" فوجدتني أكثر حرصا للحفاظ على ارثي الصغير الذي صنعته في الحياة من علاقات، مما جعلني أعيد تدوير العلاقة من جديد، لأكتشف أن ثمة علاقات كانت هشة تربطها الأماكن فقط، وأن ما كان - كان غير حقيقيا.


عندما انكسر قلبي، كنت أبحث عن النسيان في كل ليلة، أضع رأسي على الوسادة، وأبدأ المعركة، فتنتهي في الصباح، أكره نور الشمس وأنا في حالة خذلان، أشعر أنه يكشف جرحي، وكأني بملابس شفافة، ظللت أبحث عن الدواء في قوارير النسيان، ولكني لم أجده إلا في العمل والسفر، ومصافحة نور الشمس مهما كانت قاسية. 


يقولون أن أجمل الأشياء هي التي تعثر عليها أثناء بحثك عن شيء آخر ..

وأقول أنها الصدفة الحلوة، العزيزة، التي تمنحها لنا الحياة في لحظة رضا، ف ترقبها.


بورسعيد | ٢٣ ڤبراير ٢٠١٩ 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٣

كانت چدتي تجيد الخبز والطبخ والحياكة واضحاك قلبي؛ أما أمي فلها فنون أخرى؛ وحدها تملك تميمة حب وشفاء؛ تمسح بها عن جسدي ما علق به من الآلام!  كلما كبرت اشتقت لرحم أمي؛ وكفوف جدتي؛ وفستاني الوردي وألعابي؛ أظن بنفسي بأنني أستطيع مواكبة العالم؛ لكنني للحق؛ لا أريد تلك الحروب أو ربما لا أملك القدرة من الأساس! أنا في الأساس انسان يميل للحياة السهلة والطقوس اللطيفة؛ لماذا تعاركني الحياة إذن؟ أنا أريد رحم أمي؛ حيث لا يراني أحد؛ يحاوطني ماء الحياة؛ أشارك أمي أنفاسها وطعامها ودقات قلبها؛ ثم أخرج لدار جدتي لتضمني بكفوفها؛ ثم لا أكبر أبداً .. ولا يرحل أحد منا؛ ونظل معا إلى الأبد. بورسعيد | ٢٨ يناير ٢٠٢٤

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو