كان أبي يبحث عن اسم جذاب لتسميتي به، ليترك لحن في أذان من يسمع اسمي، كان دقيقا حتى في أبسط الأشياء، لتتحول إلى أمور في غاية التعقيد ..
نهاد - لقد وقع الإختيار من بين أسماء كثيرة، على أن يصبح اسمي نهاد - وتوجه بالفعل لمكتب الصحة ليسجل الإسم المختار ليقرنه بي حتى الممات دون اختيار مني!
ولسخرية القدر، يسمع الموظف المختص الإسم باللام وليس بالدال - ليتحول اسمي من نهاد إلى نهال ..
كلما تذكرت حديث أبي عن هذا الموقف، أتذكر أنني بحاجة لأن أؤدي صلاة شكر طويلة، أنني أصبحت باللام وليس الدال، 《ولتوضيح الأمر》أنا لا أحب الأسماء المشتركة، التي تقبل القسمة على الرجل والمرأة.
تحول اسمي من معنى لمعنى مختلف تمامًا، بفضل حرف-حرف واحد - حرف وصدفة ..
أما السيدة الحلوة التي كانت تجلس بجواري، أثناء سفري إلى مكة، كانت ك الطيف اللطيف، كلامها طيب، صوتها حنون، وعيونها صافية ك ماء زمزم، وكان اسمها ليلى.
السيدة ليلى، تعلمت منها أن الله لا يعبد بالتعاليم، الله يعبد بالحب، أن الصلاة ليست بالجسد، بل بالروح، تعلمت منها في أيام قليلة ما لم اتعلمه طوال سنوات عمري.
سمعتها تهمس بالدعاء وهي جالسة على الأرض، في المسجد الحرام، تنظر للسماء، وعلى وجهها تنهمر الدموع.
《يارب ماتحرمنيش من بيتك》مرات ومرات دون تعب.
انتهت ليلى من دعاؤها، وجلست بجوارها.
سألتها أول مرة تيجي؟
أجابت بثقة الحبيب في حبيبه، عندما يأتي أحدهم لينزغ بينهم.
"لا أنا موجودة هنا كل سنة، ربنا بيجيبني هنا ع طول"
أنا قزمة، ذلك ما شعرت به، وأنني أجلس بجوار أجمل نساء العالم، ياليتني بذلك اليقين!
في رحلتي هذه كنت أبحث عن المغفرة، وهي في ركعتين لا يدري عنهم أحد، من داخل غرفتي.
كنت أبحث عن الراحة، وهي في اعتزال الناس، وأن أشغل نفسي بالحق وليس الباطل.
كنت أبحث عن الله، ونسيت انه في قلبي، حتى الممات.
عندما أسافر، أبحث عن الشغف، عن بقايا حلم، فأجد حلم جديد يعرف طريقه نحوي، أو شخص يمنح لي الكثير من المعرفة والمحبة، أو طريق جديد لم أسلكه من قبل، أصبح هو سبيلي للحياة.
عندما انتقلت من مسكن إلى مسكن جديد، اعتقدت أنني أترك ذكرياتي القديمة لأصنع الجديد، أتخلى عن أصدقائي القدامى، فأنسج علاقات أكثر نضجا، ربما جعلني أشعر لبعض الوقت أنني "نذلة" فوجدتني أكثر حرصا للحفاظ على ارثي الصغير الذي صنعته في الحياة من علاقات، مما جعلني أعيد تدوير العلاقة من جديد، لأكتشف أن ثمة علاقات كانت هشة تربطها الأماكن فقط، وأن ما كان - كان غير حقيقيا.
عندما انكسر قلبي، كنت أبحث عن النسيان في كل ليلة، أضع رأسي على الوسادة، وأبدأ المعركة، فتنتهي في الصباح، أكره نور الشمس وأنا في حالة خذلان، أشعر أنه يكشف جرحي، وكأني بملابس شفافة، ظللت أبحث عن الدواء في قوارير النسيان، ولكني لم أجده إلا في العمل والسفر، ومصافحة نور الشمس مهما كانت قاسية.
يقولون أن أجمل الأشياء هي التي تعثر عليها أثناء بحثك عن شيء آخر ..
وأقول أنها الصدفة الحلوة، العزيزة، التي تمنحها لنا الحياة في لحظة رضا، ف ترقبها.
بورسعيد | ٢٣ ڤبراير ٢٠١٩
تعليقات