التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف يتعافى المرء؟

 كيف يتعافى المرء؟


بعد ما جرب كل الحيل، رفقة الصالحين، نصائح الأطباء، الإنعزال عن ضوضاء البشر، العبادة، نصائح الكبار، خفة ظل الصغار، اتباع شغفه، القراءة، التدوين اليومي، متابعة مسلسل مفضل، تعليم الطهي، الخياطة، وممارسة الرياضة ..


ورغم ذلك: لازل يشعر بأنه مكبل بقيود حديدية تزداد عليه قسوة؛ فيزداد في المقابل ضعفا واستسلاما.


يتعافى المرء بالصدق مع نفسه؛ ومع الآخرين ..

يتعافى بخلع القناع المزيف الذي حرص على ارتداؤه طوال ساعات اليوم ..


يتعافى بالطيبة؛ والحنو على نفسه أولا ثم مع كل من طرق بابه حتى لو بالصدفة ..


يتعافى بلين حديثه، ووسع قلبه، ورحابة صدره ..


يتعافى بكرم يده وقلبه، ورجاحة عقله فينقذ روحه قبل الإنزلاق في الهاوية ..


يتعافى بحب الحياة، والرضا بالمقسوم، والتطوير من نفسه ..


يتعافى بالمحبة المطلقة بلا أسباب غير (إكراما لله) فقط


يتعافى المرء عندما يدرك ماهيته، ومما خلق، ولماذا خلق، ومن الخالق؟


حينها؛ حينها فقط يتعافى عندما يدرك أن كل شيء ضئيل وبلا وزن أمام عين الله؛ إلا أن يحزن قلبك ..


لا تحزن حتى لا تضعف همتك، ويمرض جسدك، وتتشتت علاقاتك، ويصيبك اليأس والشك في كل شئ ..


لا تحزن فلن يستطيع قلب انسان حزين؛ أن يعبد الله وأن يحب، وأن يرضى وأن ينعم بسلام وسكينة ..

لا تحزن فالحزن مرض خبيث إن أصاب قلب لن يتركه إلا هلكه، فتحصن بالله من الحزن ..


وقل: اللهم إني أعوذ بك من الحزن؛ كثيرا كثيرا ..


بورسعيد | يونيو ٢٠٢٠ 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٣٨

بعد منتصف الليل، أنت وحدك تماماً تشاركك السهرة دميتك، وكتابك الذي تحاول أن تقرأ فيه، فتتلاشى السطور وتذوب حبكة الرواية منك، تحاول أن تفر من تلك الأفكار التي لا تأتيك إلا في تلك الساعة! الجميع في سبات عميق، وأنت تحاول أن تقنع نفسك أنك بخير، فتضم دميتك الصغيرة إلى صدرك وتدعي النوم .. بالأمس، الأمس البعيد، عندما كنت صغيراً كان هذا يهون عليك كثيراً عندما كنت تظن أن دميتك تسمع وترى وتشعر وتشاركك قراراتك الهامة، فتشعر أنك لست وحيداً حتى لو لم يكن لك من الأصدقاء والأخوة الكثر. أما الآن، أنت كبير، كبير أن تعترف بأحزانك للأصدقاء، وأن تذهب لفراشك مبكراً - وأن تضم دميتك إلى صدرك، كبير لدرجة مثيرة للشفقة، حتى بعد أن رحل الجميع عنك، رفضت الدمية الجماد أن يبلى قماشها، وأن تلفظ حشوها، فتتلاشى عنك مثل الجميع، واختارت أن تبقى بجوارك، تنتظرك أن تخلع عنك رداء الكبار، وتضمها إلى صدرك ببراءتك القديمة ربما تنام سعيداً .. ٢٢ أكتوبر ٢٠٢١ | بورسعيد 

بنفسج ٢

في واحدة من المواقف التي لن أنساها أبدا .. كنت في إحدى الشركات أسدد فاتورة تليفوني وكانت بجواري سيدة منتقبة؛ تنظر لي بدقة وتطيل إلي النظر، شعرت بالحرج، وشعرت أن بي شيئا ليس مريحا أو صحيحا.  نظرت لنفسي جيدا، أنا محتشمة، وملابسي فضفاضة، أسأل نفسي بغيظ لماذا تنظر لي هذه النظرات! ثم تجرأت: في حاجة؟  أبدا يا حبيبتي: انتي مصرية؟ ابتسمت لها وهززت رأسي بالإيجاب  ثم جلست لأنتظر دوري فجلست جواري  نظرت لها دون أن تشعر وجدت حجابها باليا عبائتها ممزقة، حذائها ممزق، ثم تمزق قلبي لما رأيت. أنا عندي 55 سنة وعندي ولد واحد بس مطلع عيني انا أرملة ونفسي اتجوز تاني بس هو مش راضي، جالي ناس كتير مناسبين وكنت برفض علشانه، لبست النقاب دا غصب عني أنا جميلة جدا ع فكرة، بس أبوه كان بيغير عليا وهو كمان اتعلم منه الطبع دا، والله يا بنتي أنا في عذاب ومعرفش أنا بحكي لك ليه! سردت حكاية كاملة من العذاب والتملك والسيطرة ونكران الذات .. تبدو فعلا جميلة، وبسيطة، وطيبة القلب .. لكن ما لفت نظري وشغف قلبي طفولتها المكبلة التي شعرت بها دون أن تتحدث.  سددت فاتورتها ثم انتظرت قليلا بالخارج كنت لا أعلم أنها تنتظرني.. سددت بدوري

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو