كُنت أظن وأنا صغيرة أن القلوب التي أرسمُها على كراساتي وأُخرج من أحد جانبيها سهماً ومن تحت السهم نُقطتين ألونهم بالأحمر على إعتبار أنه دم قلبي " المرسوم " شيئاً جميلاً ..
فرسمتُ الكثير من القلوب على جُدران فصلي؛ وعلى كُل كراساتي؛ وعلى دفتري الذي كان معي مُنذ تعودت الكتابة وأنا صغيرة إلى الآن.
كُنت أعتقد أن القلوب تنُزف على الورق فقط، تُنزف فقط إذا رسمناها على ورقة بيضاء أو على جدار أصم، كُنت أتخيل أن السهم الذي نرسمه ما هو إلا مُجرد رسمه!
فـ كبرت وتوقفتُ عن رسم قلبي على الورق وتوقفت عن غرز السهام فيه؛ واستقبلت سهامٍ أخرى ..
ثمَّة مواقف، أقوال، أفعال، نظرات، تفعل ما لا تفعله السهام ..
وثمة عابُرون يمرُون بالقلب مرور السهام السامة، فيرحلون ويتركون ندوباً والآلاماً ونزفاً لا يجف أبداً.
وثمة قلوب كقطعة الإسفنج تمتص كل ما يهبط على سطحها ولا تُبالي، أقصد تبدو وكأنها لا تُبالي.
عندما كنا صغاراً كُنا أقوى، لا نبكي إلا جوعاً أو خوفاً من الظلام، لا يهم من يسمع بكاؤنا لا يهم من يرى دموعنا، فالصغار لا يرتبون ولا يحسبون عواقب الأمور.
كانت أحلامُنا تتحقق في غمضة عين فـ الحياة لا تطيقُ أن تُحزن الصغار، تحتفظ في جُعبتها بكُل الأحزان حتى نكبر وتنتصب أقدامنا، وتشتد ظهورنا على إعتبار أن الكَبير أقوى.
عندما ُكنا صغاراً كنا أقوى.
كان أكثر ما يؤلمني وأنا صغيرة أن تُمشط أمي شعري، حينها كان شعري كثيفاً جداً وطويلا،ً وشديد السواد، فكان كلما زاد طوله شبرا،ً تقوم بقصه من أجل سهولة حمله وتمشيطه.
تجمع شعري كله بشدة بين يديها لترفعه إلى أعلى فيصبح " زيل حُصان " فيهبط منه بعض خُصلات كثيفة على عُيوني فتكرر قصهم في مرةٍ لاحقة.
وفي الصباح وأنا ذاهبة لمدرستي تشدُ ضفائري، وتُغازل سواد شعري، وتُلقي عليّ الوصايا، التي نسيتُها تماماً، لم يتبقى منها في ذاكرتي إلا " خلي بالك على أخوكِ " وتُقبلّني بين حاجبيّ وأمسك كف أخي الصغير ثم أرحل.
يامايا ياما يامايا ياما
شدي الضفاير شدي رُباطها عصبيني
لو قادرة ياما لو قادرة ياما
تقيديها قيديها وقيديني
شُعوري مُوجه
عماله تلعب عماله تُرقص فُوق جبيني
شُعورى شُوق
وبشوقي حايره منا عارفه ماشيه منا عارفه طايره
وكلام فى سرك
وبقولها مرة عذاب بحسوا عذاب وثوره
يامايا ياما يامايا ياما
شدي الضفاير شدي رُباطها عصبيني ..
بورسعيد| ١١ ڤبراير ٢٠٢٠
تعليقات
وكلامك كمان جميل ربنا يسعد قلبك