التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عزيزتي نون ٢

منذ أيام وأنا أعاني من النوم المضطرب؛ تغفل عين؛ بينما الأخرى تترقب حدث ما؛ لا أعلم بالضبط ما هو؛ لكن للحقيقة؛ برودة ديسمبر تشعل في روحي لهيبا يحرق في قلبي وجلدي؛ يتصاعد رماده لعيوني؛ فتنساب دموعي بهدوء حزين ..


دمعة وراء دمعة وراء دمعة؛ أنظر ل لؤلؤاتي وهي تذوب على الوسادة؛ وأتخيل أحزاني ومخاوفي وهي تذوب مثلها وكأنها لم تكن يوما؛ ثم أمد يدي لأتناول زجاجة الماء؛ "واشرب بق ماية" وأنام


أستيقظ بعد ساعات الظهر؛ شعورا ثقيلا في قلبي لا أعلم سره؛ أمسكت بهاتفي الذي أصبح لاصيقا لكفي؛ حتى أتصفح بريدي الألكتروني؛ وغرف الرسائل هنا وهناك؛ وصفحتي الشخصية؛ لأجد منشورا حزينا لصديقة تبك شقيقتها التي رحلت عنها في صباحا غائما؛ وأخرى تكتب لأباها رسالة إشتياق بطعم العذاب ..


تذكرت أبي بالتالي؛ ومرارة الفقد وسنوات الصبر؛ وكيف عبرتها وحدي؛ وددت لو أرسلت كفوفي من خلف الشاشة لهن؛ لأمنحن وردة وبطاقة حب مكتوب فيها ..


عزيزاتي نون.

هذا ما يفعله ديسمبر في جروحنا، يكشفها للبرد القارص؛ فيزيدها ألما ووهجا؛ وكأننا حديثي الألم؛ فنعود ونمارس التجاهل وإدعاء التعافي من جديد؛ لكن ندبة الفقد لا دواء لها؛ الفقد ليس له دواء ياصبايا ..!


لابد وأن نتصالح مع وخزة الإشتياق؛ وأن نصدق بأنها مسألة وقت؛ وسيجمعنا بهم مكان أجمل؛ وحديث لا نهاية له؛ سيمر ديسمبر على كل حال؛ وسيمر العمر؛ وسيضمر الحزن؛ الله رحيم ..


خذي مني هذه الطريقة الساخرة؛ لقد قررت منذ فترة؛ كلما هاجمتني الدموع وعاركتني الذكريات؛ أشرب كأسا من الماء 😃


أقول لنفسي؛ عوضي دموعك واشربي ماية؛ ابلعي صبرك بحبة ماية؛ فأشرب ماء؛ أشرب ماء بكمية كبيرة وأقطرها بقطرات من ماء الورد؛ عادة قديمة لي ومحببة لنفسي؛ لأنها تضفي على مزاجي إحساسا لطيفا ..


عزيزتي؛ إذا شعرت بهجمات الحزن على غفلة؛ خذي مناديلك واستعدي للبكاء؛ البكاء حالة صحية؛ سيخفف عنك حدة ألمك؛ ابك بعيدا عن الجميع؛ واخرجي ملح أحزانك خارج قلبك؛ ثم طهريه بعذوبة الماء وصفاءه.


مساءك رائق♡



بورسعيد | ديسمپر ٢٠٢١ 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

الحب ٣

 لم أجد فِعلا رقيقا يليق بالمحبين بعد تبادل كلمات الغزل وأشعار الحب واللوم والإشتياق؛ مثل الخبيز وصنع الحلوى .. حالة عذبة رغم التوتر وربكة التجهيز تشبه خجل اللقاء الأول بين قلبين جمعهما الحب والرغبة؛ وكان الفضول ثالثهما يقلب كل منهما في مزاچ الآخر بمعلقه خشبية على نار هادئة ليكتشف كل حبيب مذاق وذوق محبوبه .. أحدهم يفلح ويصنع شطائر منثورة بالمكسرات محشوه بالعسل؛ والآخر يجتهد ويقدمها خالية من الحشو مغلفة بطبقة ذهبية من لهيب الإنتظار؛ وكلاهما في رواق العشق تحفهم رائحة الإشتياق وآثار الشغب والإكتشاف ..

حديث ذات ٣١

أنا أشبه البحر، يهدأ ويثور وحده، يحمل أسراره في قاعه المظلم، يتمنى الكثير لو كان يجرؤ على الغوص إلى قلبه، ليكشف ما تحت زرقته، لكنهم يخشون من الغرق .. يكتفون بالوقوف بعيداً؛ ليسترقوا النظر إليه، ويحاولون فك طلاسم أمواجه، ودائماً دائماً لن يفلح أحد. يدركون أن قلبه واسع وبلا أرض، يحمل الكثير من الأسرار والعوالم، والأصداف واللؤلؤات الحية، تموت فقط إن أمسك بها أحدهم .. يد البشر تجيد الإفلات بعد انتهاء الشغف بالأشياء وربما الأشخاص .. يدرك البحر أن لؤلؤاته تموت إن تركته وخرجت للنور، ورغم حزنه لن يبخل! البحر يطفئ غضب القلب، لكن لا أحد يعلم ما في قلبه، الجميع يأتيه من كل فچ عميق، ليلق بخيباتهم وانكسارتهم، ويرحلون بهدوء .. ويتركون ضجيجهم في قلب البحر، ويبدأ ضجيج أخر، لكن في قلب البحر المسكين .. يكتفي البحر بأن يمنح العالم مزاجاً رائعاً ولونا بهيجا، ويخرج من خير قلبه لمن حوله، ويعود وحيداً ..  تهدأ أمواجه بالليل، عندما تبتعد الأقدام بعيداً عنه، وترسل النجوم قبلاتها الناعمة له، فيسكن، ويخلع عنه رداؤه الأزرق، ويبدله بأسود حزين، يليق بقلب لن يفهمه أحد على سطح الأرض .. بورسعيد | سبتمبر ٢٠٢١