التخطي إلى المحتوى الرئيسي

المشاركات

حديث ذات ٤٧

في الماضي كنت فتاة تحب التفاصيل، تبحث عنها وتدقق النظر فيها ثم أسكب فيها كل ما أشعر، وأذيب مشاعري فيها بملعقة نارية لأتحول مع الوقت إلى كائن رخامي بلا إحساس، ومن ثم تتحول التفاصيل إلى لعنة على شكل فأس يشق رأسي نصفين ويتحول قلبي إلى فتات.  نضجت الفتاة، وأصبحت امرأة تعبث بالتفاصيل وكأنها خيوط تريكو ثم تتركها جانبًا .. ١٥ أكتوبر ٢٠٢٤|بورسعيد
آخر المشاركات

بريد نون ٢

منذ فترة لم أتصفح بريدي الالكتروني؛ اليوم فعلت .. لأجد عدد من الرسائل "مجهولة المصدر" إتسعت عيوني من كم الرسائل التي كادت أن تنفجر في وجهي ثم قررت فتح أول رسالة .. كانت من رجل حروفه باكية  كتب لي عن محبوبة قلبه وزوجته أقصد كانت زوجته تم الإنفصال بعد زواج دام سنوات توجت بطفلة، تعد الآن من الأيتام بل هي أشد يتما .. يسرد سطورا مختصرة عن حياة تبدو سعيدة وهانئة لم ينقصهم شيء ڤيلا في موقع راق بإحدى المدن الجديدة؛ طفلة جميلة الملامح؛ أصدقاء وصديقات من صفوة المجتمع؛ وزوج من حسب ونسب؛ حتى لو كانت الزوجة أقل شأنا! يقول .. كل شيء كان يمنعني أن أرتبط بها؛ لكني فعلت؛ لم أستطع أن أقتل حبي لها أو أن أتجاهل نداء قلبي كلما رأيتها ..  نصحني الأصدقاء أن لا أقترب أو حتى أفكر بها سرا فأنا من عائلة عريقة ومن أصل طيب ولي مستقبل مضمون أما هي فكانت من أسرة محدودة تعمل أمها عاملة نظافة في أحد المولات؛ وطردت أكثر من محل عمل بتهمة السرقة؛ وتوفى والدها في أحد مصحات الإدمان؛ وهي الإبنة الوحيدة بعد أن توفت شقيقتها الكبرى لأسباب غير معروفة؛ ويذاع بين الناس أنها منتحرة .. أخذت الشفقة تلاعبني؛ حتى تحولت إلى ع

الحب ٣

 لم أجد فِعلا رقيقا يليق بالمحبين بعد تبادل كلمات الغزل وأشعار الحب واللوم والإشتياق؛ مثل الخبيز وصنع الحلوى .. حالة عذبة رغم التوتر وربكة التجهيز تشبه خجل اللقاء الأول بين قلبين جمعهما الحب والرغبة؛ وكان الفضول ثالثهما يقلب كل منهما في مزاچ الآخر بمعلقه خشبية على نار هادئة ليكتشف كل حبيب مذاق وذوق محبوبه .. أحدهم يفلح ويصنع شطائر منثورة بالمكسرات محشوه بالعسل؛ والآخر يجتهد ويقدمها خالية من الحشو مغلفة بطبقة ذهبية من لهيب الإنتظار؛ وكلاهما في رواق العشق تحفهم رائحة الإشتياق وآثار الشغب والإكتشاف ..

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٥

في كل بيت؛ ركن مهجور حزين ومظلم؛ أسدلت الستائر عليه منذ زمن؛ فتكومت الذكرى فيه وصدى الضحكات والهمهمات؛ ونسجت خيوط العناكيب؛ وتحول لغار .. غار يسكن فيه رائحة من نحب؛ وبقايا حديثه؛ وجزء من أشياؤه؛ وتجاعيد جلسته على مقعد أو سرير .. لا نستطيع أن نقترب؛ فالمطارح المهجورة لها لعنتها؛ ربما تصيب من يتجرأ على جلالها؛ فتجعل قلبه يدمي ..

حديث ذات ٤٤

للجسد ذاكرة ذات كبرياء؛ لا تستدعي الذكرى الأليمة؛ هي تنتظر حدوث الحدث ليخبرك بطريقته القاسية؛ أن ثمة مشاهد متكررة؛ مشاهد وربما مشاعر! منذ عشرون عاماً تركني الفتى الذي كنت أحب لأن أباه وأبي لم يتفقا ولأسباب أخرى معقدة انفسخت الخطبة؛ ومن حينها وأنا أمارس الفقد والفراق وتارخ الأيدي! كان غضبي مكتوما وسؤالي الحزين يأبى الخروج للكبار! ابتلعت غضبي؛ وأخذت أسئلتي الساذجة تحت جلدي ومشيت - مشيت مشوارا طويلاً كنت أبحث في الشارع عن إجابة؛ أو ربما عن فتاي الذي كان يحب السهر حتى الصباح؛ وربما كنت أحاول الهروب! أظنني كنت أحاول الهروب من البكاء ومن السؤال ونصائح أبي التي كانت في تلك الليلة سبباً في صداع مزمن لقلبي دام لأكثر من عشرون عاماً! مشيت حتى وصلت لبيت جدي؛ ولكنني لم أصل لشيء لا لفتاي؛ ولا لإجابة سؤالي؛ ولا حتى استطعت الهروب! ثم توقفت عن السير عندما تعب قدمي؛ ولم يعد لي القدرة أن أسير لكنني أريد أن أمشي بلا توقف؛ لقد كانت رغبة قلبي اللاهث؛ لم تكن رغبة قدمي الذي بالفعل قد وصل لنهاية الرحلة؛ لكن شغف قلبي الذي لم يذبل حينها هو الذي دفعني بأن أسير على الإسفلت وكأنني عصفورة بين السحب؛ عصفورة لكن بقلب

حديث ذات ٤٣

كانت چدتي تجيد الخبز والطبخ والحياكة واضحاك قلبي؛ أما أمي فلها فنون أخرى؛ وحدها تملك تميمة حب وشفاء؛ تمسح بها عن جسدي ما علق به من الآلام!  كلما كبرت اشتقت لرحم أمي؛ وكفوف جدتي؛ وفستاني الوردي وألعابي؛ أظن بنفسي بأنني أستطيع مواكبة العالم؛ لكنني للحق؛ لا أريد تلك الحروب أو ربما لا أملك القدرة من الأساس! أنا في الأساس انسان يميل للحياة السهلة والطقوس اللطيفة؛ لماذا تعاركني الحياة إذن؟ أنا أريد رحم أمي؛ حيث لا يراني أحد؛ يحاوطني ماء الحياة؛ أشارك أمي أنفاسها وطعامها ودقات قلبها؛ ثم أخرج لدار جدتي لتضمني بكفوفها؛ ثم لا أكبر أبداً .. ولا يرحل أحد منا؛ ونظل معا إلى الأبد. بورسعيد | ٢٨ يناير ٢٠٢٤