بعض الليالي تأتي وكأنها صدى صوت وضوء لليالٍ أخرى؛ كانت في الماضي البعيد؛ فتنقسم الصورة أمامك إلى صورتين قبل وبعد!
وفيما بينهما أيام وليال أخرى؛ ساعات ليلها أطول؛ وشمسها كنيران عدو؛ كان جسدك فيها بريئا؛ لم تدهسه خطوات العابرون؛ وقلبك عذري لم يلمسه إنس ولا جان؛ وعروقك مرسومة كسنابل القمح تزين جسدك البض.
لكن تأتي الليالي تلك؛ تضعك بين فكيها كاللقمة؛ فتذوب نضارتك ورقتك وينطفأ بريقك وتتشابك سنابلك ثم تُمزق؛ ويتحول جسدك البض إلى خريطة ألم؛ تلك هي أفاعيل الليالي الأولى ..
وتأتي صداها بعد سنون طويلة؛ لتذكرك بهزيمتك الأولى ..
فتهمس لها ساخراً؛ لا يَضُرُّ الشاةَ سَلخُها بَعدَ ذَبحِها.
ثم تُحدث ذاتك: ما أشبه اليوم بالبارحة!
هنا القاهرة
١٤ أكتوبر ٢٠٢٣
تعليقات