التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حديث ذات ٣٢

لست خبيرة ترتيب؛ ولا مدربة حياة؛ ولا مرشدة نفسية وروحانية؛ أنا جميعهم!


دون عقد نية أو تدريب أو إلتزام بورش إعداد؛ لأنني تركت نفسي للحياة تفعل بي ما تشاء؛ مضغتني وبلعتني بشربة ماء؛ فدفعتني في معدتها المظلمة؛ ثم ضربت بكفها الباطش ضربتين على بطنها لتعلن إنتصارها علي؛ ضربة على قلبي؛ والأخرى على رأسي؛ أنا يا أصدقائي لازالت هناك؛ في جوفها عالقة!


في ذلك المكان العتمة؛ البقاء فيه مرهق؛ والخروج منه أشد إرهاقا!


لكنني رغم إرهاقي هذا؛ أخرج لها لساني لأخبرها أنني أستقبل ضرباتها بسخرية؛ لا أتعمد العناد أو الندية؛ أنا معجونة به!


بالأمس اشتهيت أكل الجاتوه؛ ذهبت لإحدى محلات الحلويات الشرقية؛ وقفت أمام المبرد أنظر لقطع الجاتوه وهي تدور ببطء بداخله؛ كأنها بالرينا ..


جاءني أحدهم؛ كان رجلا بساما؛ يبدو لطيفا وطيب القلب؛ يفقه صنع الحلوى والكلمات ..


-أؤمريني يافندم.

ثم نظر لي وقال: انتي شكلك زعلانة؛ سبيني اختار لك؛ ثم فتح المبرد وأخذ يختار وعيونه لامعة ومبتسمة ..


أظنه كان سعيدا لسببين؛ لأنه يعمل ما يحب وبشغف؛ وأيضا يساعد بشغف!


اختار لي أربع قطع؛ كل الأشياء الدافئة تتكون من أربع قطع؛ أربع أجزاء؛ أربع أفراد؛ أربع جدران ..


لي مع رقم أربعة قصة بديعة فصولها أيضا أربع ..


شتاء رائع؛ خريف ممتع؛ ربيع مسلي؛ صيف مشرق ..


أخذت علبة الجاتوه وتوجهت لبيتي؛ وطوال طريقي أفكر؛ أنا أفكر دائما؛ أصبحت ممارسة لا إرادية؛ كان التفكير يرهقني؛ الآن يؤنسني!


اممم السؤال الذي كان يلح على رأسي 

من أين عرف أنني حزينة إذ كنت لم أنطق بدمعة؛ على كل حال؛ سأتناول قطعة الجاتوه الحلوة؛ لأكافئ نفسي؛ ثم أخرج للحياة لساني ..


١٩ سبتمپر ٢٠٢٢

 هُنا القاهرة 






تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٣

كانت چدتي تجيد الخبز والطبخ والحياكة واضحاك قلبي؛ أما أمي فلها فنون أخرى؛ وحدها تملك تميمة حب وشفاء؛ تمسح بها عن جسدي ما علق به من الآلام!  كلما كبرت اشتقت لرحم أمي؛ وكفوف جدتي؛ وفستاني الوردي وألعابي؛ أظن بنفسي بأنني أستطيع مواكبة العالم؛ لكنني للحق؛ لا أريد تلك الحروب أو ربما لا أملك القدرة من الأساس! أنا في الأساس انسان يميل للحياة السهلة والطقوس اللطيفة؛ لماذا تعاركني الحياة إذن؟ أنا أريد رحم أمي؛ حيث لا يراني أحد؛ يحاوطني ماء الحياة؛ أشارك أمي أنفاسها وطعامها ودقات قلبها؛ ثم أخرج لدار جدتي لتضمني بكفوفها؛ ثم لا أكبر أبداً .. ولا يرحل أحد منا؛ ونظل معا إلى الأبد. بورسعيد | ٢٨ يناير ٢٠٢٤

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو