تلحُ عليّ الكلمات لأترُكها تستريحُ على الورق، أن تتحرر من قيودي الغير مُبررة، أنام في ساعة مُتأخرة من الليل، بعد عِدة مُحاولات بائسة في أن أستجلب النوم ولكن لا فائدة، جسدي يُؤلمني، رأسي يُؤلمني، وقلبي أيضاً يُؤلمني جداً.
أضعُ يدي على قلبي، وأطلب منه أن يهدأ، ويستريحُ قليلاً وينام ولو بضع ساعات ..
أتقلب على جانبيّ، وكأني مُمددة على أشواك، أو حصيرةٍ من نار، ليلي طويل، ونهاري شاق، وأنا أُفكر كثيراً، كثيراً جداً ..
تقفز أمامي صُورة صديقتي وهي تبكِ على حبيب رحل عنها دُون أن يُخبرها، وتركها لظنونها تقتلها، تركها لقسوة الأسئلة التي لا إجابة لها.
تسألني هل أنا جميلة؟
لماذا يتركني كل من أُحب؟
صديقتي جميلة لها عينان بلون القهوة وقلبٌ بلون الشجر، عندما تضحك نضحك جميعاً، وعندما تبكِ أبكِ أنا، أنا وحدي.
أخبرتها أنها لا يليقُ بها الحُزن، لا والله، هي في الحُزن أيضاً جميلة، رقيقة، طيبة القلب، تُحب كالأُمهات، تخشى على حبيبها من البرد، ومن أن يعود إلى المنزل في ساعة مُتأخرة، تُعامله كطفل، تُدلله، وتُهدي له الأغنيات، تسكب على قلبه شلالات من السحر، والغريب أنه يرحل، والأغرب أنه يعُود، عودة الإبن، الإبن الذي لا براح له في هذا العالم إلا صدر أمه.
والأُخرى، والتي أرسلت لحبيبها رسالة <مبروك الزواج> بعد سنوات طويلة من الحُب، أرسلتها له وهي من خلف الشاشة لا ترى ما تكتُب، قلبها ينزف، أطرافها باردة، وعيناها رغم الدموع، مُتحجرة كقلبه.
وإحداهن التي لم أعرفها، والتي أرسلت لي رسالة لتسألني ..
لماذا هذا العالم قبيح لهذه الدرجة؟
لماذا يتألم الطيبيون؟
لماذا يترُك الله الأشرار على الأرض؟
ولماذا نتفاجيء دائما بوجهٍ آخر للأشخاص، بعد ما أصبحوا بالنسبة لنا الدنيا وما فيها؟
لماذا نقوم بدفع كل الفواتير من الوقت والعمر، وتتوقف الحياة على القصة القديمة، بينما هم يقفزون قفزةٍ سريعة للحياة الجديدة!
أنظر إلى الرسالة وأقرأها أكثر من مرة ثم أغلق الحاسوب، وأنا أشعُر بالتعب، أترجل إلى المطبخ بخطواتٍ كسولة جداً، أرضية المنزل باردة، رُغم صباحات يوليو الحارة، أصنعُ لنفسي قهوة، وأنا أُفكر، أنتبه من غليان القهوة، أصبُها في الفنجان، وأنا لازالتُ أفكر، لماذا لم نملُك القُدرة في بتر ما يُؤلم من نُحب، أن نستطيع محو ندبتهم وأن نزرع في صدورهم وردة لن تذبل أبداً.
لماذا؟
٨ يوليو ٢٠١٨ | بورسعيد
تعليقات