التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حديث ذات ٢٢

كنت أستعد لإستقبال أحدهم في المنزل من أجل أن يتم التعارف بينه وبين أفراد أسرتي ليتم الارتباط به؛ ذلك حدث منذ حوالي ٧ سنوات ..


شخص يبدو خلوقا؛ جادا؛ يود لو يطبق العالم كله بكف يده من أجلي ثم يهديني الشمس والقمر والنجوم والبساتين الغناء ..


كنت أثق بمحبته؛ فكل شيء فيه يصرخ بالحب والتفاني لكن شيء في صدري يقول تمهلي ..


قررت بأن أصلي إستخارة كانت ليلة عرفات رأيتني في الحلم أقوم بالطواف حول الكعبة ثم آتى صوت من بعيد يحدثني في أذني بأن أنتظر ولا أرتبط به لأنه "كاذب"


إنتظرته حتى يأتي في المساء؛ آتى وهو سعيدا؛ لا أدري إن كانت قدماه التي حملته إلي أم إشتياقه ..


سألته ما الذي لا أعرفه عنك؛ لم يصيبني لحظة شك واحدة أنها أحلام من الشيطان أو شكوك نفسي التي أصابها الشك في كل شيء؛ إلا رسائل السماء ..


ودون سابق إنذار طلبت منه أن يخرج كل ما في جيبه وحقيبة يده وبأن يعطيني هاتفه ..


أصابته الدهشة؛ حتى أنا فوجئت بجرأتي ..


لكنه إستجاب؛ وأخرج كل ما طلبت؛ وبحثت بهدوء عن ما أشك فيه حتى تأكدت من صحة رؤياي ..


ثم حدثته بلطف، بأن ينصرف عن حياتي بهدوء؛ وقلت له أنت الآن ضيف داري وعلي حسن إستقبالك؛ لكن أبدا ومستحيلا أن أكون صاحبة دارك!


لن تشفع له دموعه 

أو حديثه الباك

أو محبته ..


لن تشفع له وعوده بأن لا يكررها؛ لأنه لن يشفع لي ربي في المرة الثانية!


خرج من البيت؛ وجلست أروي لعمي ما حدث؛ أجابني بأنه سعيد ومطمئن علي؛ قال أنني انسانة ذكية وقوية؛ عمي لا يعرف أنني أحب الله جدا وهذه قوتي الوحيدة .. 


خرج عمي بالتالي 

وضعت وجهي بين كفوفي وجلست أبك ..


في عرفات الذي يليه 

أرسلت رسالة لأكثر شخص ظلمني في حياتي؛ بأنني غفرت وأنني أتمنى له حياة طيبة وقلت له "وداعا في الدنيا ووداعا في الآخرة" لن نقف متقابلين أمام الله؛ أنت حر تماما من ذنبي؛ عش في سلام ..


أرسلتها لأتحرر ولأكف عن إنتظار الأسف؛ ولأبدأ من جديد ..


يبدأ أحدهم من جديد في يوم رأس السنة والآخر يوم ميلاده والآخر في اليوم الذي كسر فيه قلبه بلا رحمة؛ اما أنا فأبدأ من عرفات لأنها ليلة "تعرفني" بكل شيء ..



بورسعيد | ٢٧ يونيو ٢٠٢٠ 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

الحب ٣

 لم أجد فِعلا رقيقا يليق بالمحبين بعد تبادل كلمات الغزل وأشعار الحب واللوم والإشتياق؛ مثل الخبيز وصنع الحلوى .. حالة عذبة رغم التوتر وربكة التجهيز تشبه خجل اللقاء الأول بين قلبين جمعهما الحب والرغبة؛ وكان الفضول ثالثهما يقلب كل منهما في مزاچ الآخر بمعلقه خشبية على نار هادئة ليكتشف كل حبيب مذاق وذوق محبوبه .. أحدهم يفلح ويصنع شطائر منثورة بالمكسرات محشوه بالعسل؛ والآخر يجتهد ويقدمها خالية من الحشو مغلفة بطبقة ذهبية من لهيب الإنتظار؛ وكلاهما في رواق العشق تحفهم رائحة الإشتياق وآثار الشغب والإكتشاف ..

حديث ذات ٣١

أنا أشبه البحر، يهدأ ويثور وحده، يحمل أسراره في قاعه المظلم، يتمنى الكثير لو كان يجرؤ على الغوص إلى قلبه، ليكشف ما تحت زرقته، لكنهم يخشون من الغرق .. يكتفون بالوقوف بعيداً؛ ليسترقوا النظر إليه، ويحاولون فك طلاسم أمواجه، ودائماً دائماً لن يفلح أحد. يدركون أن قلبه واسع وبلا أرض، يحمل الكثير من الأسرار والعوالم، والأصداف واللؤلؤات الحية، تموت فقط إن أمسك بها أحدهم .. يد البشر تجيد الإفلات بعد انتهاء الشغف بالأشياء وربما الأشخاص .. يدرك البحر أن لؤلؤاته تموت إن تركته وخرجت للنور، ورغم حزنه لن يبخل! البحر يطفئ غضب القلب، لكن لا أحد يعلم ما في قلبه، الجميع يأتيه من كل فچ عميق، ليلق بخيباتهم وانكسارتهم، ويرحلون بهدوء .. ويتركون ضجيجهم في قلب البحر، ويبدأ ضجيج أخر، لكن في قلب البحر المسكين .. يكتفي البحر بأن يمنح العالم مزاجاً رائعاً ولونا بهيجا، ويخرج من خير قلبه لمن حوله، ويعود وحيداً ..  تهدأ أمواجه بالليل، عندما تبتعد الأقدام بعيداً عنه، وترسل النجوم قبلاتها الناعمة له، فيسكن، ويخلع عنه رداؤه الأزرق، ويبدله بأسود حزين، يليق بقلب لن يفهمه أحد على سطح الأرض .. بورسعيد | سبتمبر ٢٠٢١