التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طعام صلاة حب شفاء ٣

كان يوم ميلاد جديد لروحي؛ كنت أنا الوالدة والمولودة؛ الوالدة التي حملت على مدار شهور ثقال؛ أحزانا لا تليق بقلب مثل قلبي؛ لكن الله أراد شيئا جليلا؛ والأشياء الجليلة لن تصنعها إلا الأحزان العظيمة ..


وأنا كان حزني عظيما؛ لم تتحمله عظامي؛ ولا قلبي؛ ولا رأسي؛ فأتفق أعضاء جسدي على عقد جلسة بكاء؛ ولتخرج دموعي من أكثر عضوا لم يكف يوما عن ممارسة النحيب - فخرجت دموعي من رأسي! 


وخرجت أحزاني معها وأفكاري القاسية؛ وتحررت وولدت من جديد ..


كان مخاضا مؤلما؛ لم يخرج جنيني من بين ساقاي كعادة حواء؛ خرج من قلبي ..


قلبي الحر كل يوم يلد فكرة جديدة، تصلح أن تعيش أعواما وأعواما، عندما تصححت المفاهيم والأفكار شفيت من الألم.


عندما أدركت معنى الحياة وقيمتها؛ ووهبت قلبي لله تحررت - وتنعمت - ووقعت في حب نفسي والعالم والاقدار كل يوم.


عندما جعلت الإمتنان خلق، وطبع، وعقيدة؛ والبحث عن السلام غاية؛ وممارسة الترك برضا، والتمسك لأهداف سماوية، ونظرت للأرض نظرة شكر على رحابتها واتساعها وحسن استقبالها لنا، وصبرها ع أنانية الإنسان؛ رأيت تجليات الله


عندما صاحبت الله، وأحسنت السمع لرسائله الحنونة التي تأتي على لسان الطيبون، تحررت ..


عندما أدركت الفرق بين الحب والمحبة؛ التعلق والتعود؛ تحررت ..


عندما اخترت الصيام عن الكلام في أكثر الأوقات حاجة للكلام تحررت ..


عندما أدركت أننا جميعا سببا لأمورا مؤقتة؛ تحررت ..


وعندما أدركت سبب وجودي هنا شعرت بالفخر ..


وعندما أدركت جمال الحياة وجمال الموت؛ أصبحت لا أخشى شيئا فكل الأشياء صنعتها يد الله الرحيمة.


بورسعيد | ٢٨ فبراير ٢٠٢٢ 



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٣٨

بعد منتصف الليل، أنت وحدك تماماً تشاركك السهرة دميتك، وكتابك الذي تحاول أن تقرأ فيه، فتتلاشى السطور وتذوب حبكة الرواية منك، تحاول أن تفر من تلك الأفكار التي لا تأتيك إلا في تلك الساعة! الجميع في سبات عميق، وأنت تحاول أن تقنع نفسك أنك بخير، فتضم دميتك الصغيرة إلى صدرك وتدعي النوم .. بالأمس، الأمس البعيد، عندما كنت صغيراً كان هذا يهون عليك كثيراً عندما كنت تظن أن دميتك تسمع وترى وتشعر وتشاركك قراراتك الهامة، فتشعر أنك لست وحيداً حتى لو لم يكن لك من الأصدقاء والأخوة الكثر. أما الآن، أنت كبير، كبير أن تعترف بأحزانك للأصدقاء، وأن تذهب لفراشك مبكراً - وأن تضم دميتك إلى صدرك، كبير لدرجة مثيرة للشفقة، حتى بعد أن رحل الجميع عنك، رفضت الدمية الجماد أن يبلى قماشها، وأن تلفظ حشوها، فتتلاشى عنك مثل الجميع، واختارت أن تبقى بجوارك، تنتظرك أن تخلع عنك رداء الكبار، وتضمها إلى صدرك ببراءتك القديمة ربما تنام سعيداً .. ٢٢ أكتوبر ٢٠٢١ | بورسعيد 

بنفسج ٢

في واحدة من المواقف التي لن أنساها أبدا .. كنت في إحدى الشركات أسدد فاتورة تليفوني وكانت بجواري سيدة منتقبة؛ تنظر لي بدقة وتطيل إلي النظر، شعرت بالحرج، وشعرت أن بي شيئا ليس مريحا أو صحيحا.  نظرت لنفسي جيدا، أنا محتشمة، وملابسي فضفاضة، أسأل نفسي بغيظ لماذا تنظر لي هذه النظرات! ثم تجرأت: في حاجة؟  أبدا يا حبيبتي: انتي مصرية؟ ابتسمت لها وهززت رأسي بالإيجاب  ثم جلست لأنتظر دوري فجلست جواري  نظرت لها دون أن تشعر وجدت حجابها باليا عبائتها ممزقة، حذائها ممزق، ثم تمزق قلبي لما رأيت. أنا عندي 55 سنة وعندي ولد واحد بس مطلع عيني انا أرملة ونفسي اتجوز تاني بس هو مش راضي، جالي ناس كتير مناسبين وكنت برفض علشانه، لبست النقاب دا غصب عني أنا جميلة جدا ع فكرة، بس أبوه كان بيغير عليا وهو كمان اتعلم منه الطبع دا، والله يا بنتي أنا في عذاب ومعرفش أنا بحكي لك ليه! سردت حكاية كاملة من العذاب والتملك والسيطرة ونكران الذات .. تبدو فعلا جميلة، وبسيطة، وطيبة القلب .. لكن ما لفت نظري وشغف قلبي طفولتها المكبلة التي شعرت بها دون أن تتحدث.  سددت فاتورتها ثم انتظرت قليلا بالخارج كنت لا أعلم أنها تنتظرني.. سددت بدوري

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو