التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عزيزي ٢

أعود من سفر طويل وشاق، جسدي يشعر بالثقل، ورأسي يؤلمني، ولكني أحتاج أن أكتب لك، لأخبرك كيف كانت رحلتي، عادتي التي عودتني عليها، ورغم أنها محببة لروحي وتجعل يومي افضل، وتجعلني انتصر على الوحدة بالكثير من الونس الذي أشعر به لمجرد الكتابة لك 


تقول لي أن أروي لك كل شيء، مهما كان الأمر طفوليا بالنسبة لك. 

تعاملني بطريقة الآباء، أن أعود لك لأخبرك فعلت كذا وكذا وقابلت فلانا وفلانا، تسألني أكثر، تارة توبخني وتارة تبتسم دون تتكلم عندما أحسن التصرف. 


لكني لم أخبرك يوما أنني أريدك لي عاشقا، وليس أبا، يكتب لي الرسائل ولا ينتظر مني الرد، يهديني الموسيقى والورود، ويراقصني وأنا حافية القدمين، ولا يخشى البرد ولا همسات المارة.

أن تسهر بصحبتي حتى الصباح لنرسل معا للشمس قبلة، أن تغفو بين ذراعي ك طفلا وديعا، وأن تركض معي في الحدائق العامة ونترك أثر العشق والشغب في كل مكان ..


أن تترك الحيثيات والمنطق، وتعاملني بجنون، الحب لا يعرف المنطق، العشق لا يخضع للقانون، وأنت ولعا بالقانون، وأنا لا أخضع إلا للحب ..


تكتب لي رسالة إلكترونية تخبرني فيها أنني أحدثت فوضى في رأسك في مكتبك في سيارتك في قلبك في فراشك وأنك تنادي الناس الآن باسمي وأنك اقتربت للجنون.


أجيبك بأن العشق فوضى لذيذة، حياة بها روح تتنفس، خالية من الرتابة والملل، تهب قلبك حديقة وعقلك جنة، تجعلنا نتحمل سخافات القدر أحيانا، تجعلنا راضيين، نحب العالم ونرضى عنه، نشعر بسلام غير مبرر للآخرين، لكنه "العشق" الفوضى التي حدثت في قلبك ..


تجيبني أحبك لكن ..

توقفت عن قراءة رسالتك عند كلمة لكن .. 

الحب يا عزيزي لا تجتمع معه كلمة لكن، تقول: من منا الآن يفرض قوانينه على الآخر!

أجيبك: تلك قواعد الحب التي إذا خلت منه، تحول الحب إلى عبث.


تقول: تعلمت الكثير مني، وتكرهي أن أعاملك ك أب.

أقول: الأب لا يعلم، الأب يحمي ويقوم، وأنا لا أريدك أن تحميني وأيضا لا تلقي بي في الهاوية، ولا تقومني ولا تتركني وشأني، أنا أريد أن أحبك حتى ينتهي الحب، وينتهي العالم، وتنتطفيء الكواكب ..


وأريدك أن تحبني بطريقة تشبهني، مثل مثلاً أن تنتهي من قراءة الرسالة وتأتيني لنحل هذا الخلاف، فالمشكلة لا تحتمل الصبر ولا أنا أيضاً.


٥ ڤبراير ٢٠١٩ | بورسعيد 




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٣

كانت چدتي تجيد الخبز والطبخ والحياكة واضحاك قلبي؛ أما أمي فلها فنون أخرى؛ وحدها تملك تميمة حب وشفاء؛ تمسح بها عن جسدي ما علق به من الآلام!  كلما كبرت اشتقت لرحم أمي؛ وكفوف جدتي؛ وفستاني الوردي وألعابي؛ أظن بنفسي بأنني أستطيع مواكبة العالم؛ لكنني للحق؛ لا أريد تلك الحروب أو ربما لا أملك القدرة من الأساس! أنا في الأساس انسان يميل للحياة السهلة والطقوس اللطيفة؛ لماذا تعاركني الحياة إذن؟ أنا أريد رحم أمي؛ حيث لا يراني أحد؛ يحاوطني ماء الحياة؛ أشارك أمي أنفاسها وطعامها ودقات قلبها؛ ثم أخرج لدار جدتي لتضمني بكفوفها؛ ثم لا أكبر أبداً .. ولا يرحل أحد منا؛ ونظل معا إلى الأبد. بورسعيد | ٢٨ يناير ٢٠٢٤

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو