كان عاما رحيماً، لا أستطيع أن أصفه بأنه كان مُؤلما أو ثقيلاً كالعام الذي قبله مثلاً، أو أنه كان مُنصفا معي مثل ما كنت أتمنى ..
كان حيادياً وهذا ما ميزه، لا قاسياً ولا حنوناً، لا ضدي ولا معي، خرجتُ منه غير خاسرة وهذا ألطف ما فيه ..
أصبحتُ لا أبحث عن الحقائق، عن الأسرار، عن الحلول، كل ما أبحث عنه دوماً وأبداً سلامي الداخلي، والحفاظ على مبادئي ..
يقول ديفيد هاوكينز: يعتبر شعور السلام الداخلي قوة عظيمة؛ والشخص في هذه المرحلة لا يمكن تخويفه أو برمجته أو التحكم فيه أو التلاعب به.
وأكمل مقولته بقلمي؛ لن تجد للباحث عن السلام الداخلي فرصة لتلوي رقبته منها؛ هو حر تماما محلقا في سماه؛ ليس عابئا للحروب التي شنت حوله؛ ولو كانت ضده ..
يحدُث أن نُختبر في أخلاقنا، في مشاعرنا، في تلك المبادئ التي نُحاول أن نقبضُ عليها بين فكيينا، ونحاول أن لا تفلِت من بين أصابعنا في زحام يومنا ..
الحياة قاسية وتزداد قسوة يوماً من بعد يوم، والعلاقات الإنسانية أصبحت أكثر تعقيداً وغرابة، ونحنُ دائمَّاً نُزيد من صُعوبتها على أنفُسنا، تحت شعار "بل أنا الأقوى".
وجميعنا نضغط بقوة، بلا رحمَّة، على الأقل، فالأقل، فالأضعف، فالأكثر هشاشة، ليتحول إلى وحش لا يرحم، فيُحطم القيود والحدود ورُبمَّا القوانين.
وأعتقد أن بتلك الطريقة نصنع الظالمون، الظالمون في الأصل أشخاصاً عاديون، مسالمون، طيبون، أحلامهم بسيطة، لا يتابعون الأخبار، ولا يتنافسون على منصب ..
ستجدهم بين أولادهم من بعد الظهيرة، حتى تنسدل عليهم ستائر الليل ..
ستجدهم يتوددون لزُملائهم في المكاتب بإبتسامة عريضة ليس لشيئ إلا محبة فيهم وفي الله، ستجدهم يُرددون مع الآذان، ومع أغاني الراديو في كل صباح، ستجد على ملامحهم علامات الرضا رغم الشقاء، وعلى ملابسهم البساطة رغم أنها قديمة، وإن سألته عن حاله أجابك: "رِضا".
في بلادنا يتحول أهل الرضا إلى جناة بمُنتهى البساطة، لا يعلم ولا أحد يعلم، ما الذي حدث بعد مرحلة "الرضا" وقبل أن يتحول هؤلاء الأشخاص إلى لعنة!
مُستحيل - مُستحيل أن تجد أشر من الطيب على وجه الأرض؛ عندما يتحول إلى لعنة!
هل جربت لعنة الطيبون؟
ليس فقط السلطات تفعل، بل نحن، في الشوارع، في البيوت، وفي كل مكان، نحنُ جُناة على بعضنا البعض، ونحن جميعاً نبحث حولنا عن الجاني!
لو نظرت لمرآتك ستجده، وحينها - حينها فقط ستتذكر من جنيتُ عليه ..
•إن كان نفسك: فتذكر إن لنفسك عليك حقا، فأخرج من الدوائر السوداء، والعلاقات السَّامة، قصص الحًب السادية، الصداقة المُّزيفة، وحطم القيود التي تقتلك وتحرر، وتحرك من الأماكن التي تُظلمك وتَظلمك!
خلقك الله لتُحرر البلاد والأحلام والأشخاص الأضعف منك؛ فكيف تكون عبيدا حتى لو لفكرة!
•إن كان سواك: عُد بالحقوق لأصحابها، فغداً ستعود بصورةٍ أخرى لن تتحملها أبداً ..
•إن كان لله: ف اسجد واقترب، فالله دائماً أقرب ..
- ع الهامش -
لا تسري في الدنيا بدون أخلة، فهُم رُفقاء الرُوح والعقل والدموع والضحات، رُفقاء الأسرار والأحزان والأفراح وعندما يثقل جسَّدك هُم لك عُكازا لن ينكسر، سِتر لن ينكشف، وحكايات لن تنتهي ولو انتهى العُمر ..
لا تتوقف عن القراءة، ف بالقراءة تحيى العقول، وتُقيم الأمم، وتُرفع الغُمم، ويموت الكسل، وتسد باب الجهل والبلادة والنسيان.
لا تكره، إياك والكره، مهما أساء لك أحدهم، مهما تسبب لك في آذى، وتوقف عن الحُب الأعمى إزهده، ولا تكره، فالكره نارٌ صلداء لا تحرق إلا حاملها.
إترُك السلام والإبتسام في أي مكان؛ وتذكر دائماً الذكرى حيّة في القلوب؛ فاجعل ذكراك مؤنسة للغير ..
بورسعيد | ديسمپر ٢٠٢٠
تعليقات