انتقلت صديقتي لمسكن جديد بحي راق؛ ثم طلبت مني أن أزورها في القريب العاجل؛ تلح علي بزيارتها قبل أن يأتيها أحد لرؤية منزلها الجديد؛ لأنها تود أن أكون أول الزائرين ..
إستجبت لإلحاحها الطفولي؛ وأرسلت لي العنوان وإتفقنا على موعد محدد ومناسب بحيث أن لا يكون زوجها في المنزل ..
أنا لا أفضل زيارة صديقاتي وأزواجهن في الدار؛ وهن يعلمن عني هذا ..
توجهت للعنوان المحدد وأنا أشعر بالكسل؛ العنوان بعيد - بعيد جدا - كنت جالسة في الكرسي الخلفي من التاكسي وأنا أتأفف؛ الشوارع زحمة؛ الطقس حار- والعنوان بعيد وهي تلح بإتصالاتها كل دقيقتين؛ كدت أقذف هاتفي من النافذة ..
حتى وصلت؛ وقفت أمام بناية شاهقة في حي هادئ؛ يحاوطه الأخضر من كل مكان؛ أرفع رأسي عاليا أجدها واقفة ك طفل ذاب إشتياقا من إنتظار أمه ..
لوحت لها؛ ثم صعدت الدرج بهدوء؛ حتى وجدتني أمام باب منزلها وهي تقف بسعادة بالغة؛ ترتدي فستان قطني قصير؛ تاركة شعرها دون تسريح أو ترتيب؛ تجذبني بقوة إلى الداخل وتلق علي كلمات الترحيب والإشتياق ..
تطلب مني أن ألقي نظرة سريعة على حجرات المنزل؛ وهي تعلم أنني لن أفعل؛ أنا أريد شيئا آخر ..
أريد المطبخ
مكاني المفضل في البيوت؛ بيت آخر داخل كل بيت؛ مملكة خاصة لسيدة المنزل وربما رفيقاتها ..
أنا يعجبني أن أجلس أرضا على أرضية رطبة؛ في مكان دافئ وصغير كالمطبخ؛ ومطبخ هذا البيت صنع بطريقة مدهشة!
صغيرا إلى الحد الذي لا يسمح بوجود أكثر من فردين؛ حوائطه بنيه اللون؛ نافذته مربعة تغلفها ستارة قطنية منقوش عليها ورود صغيرة ..
ظلت عيوني تمر على كل ركن وأنا مبتسمة؛ ثم جلست أرضا وطلبت منها أن تجلس بجواري ..
جلستنا المفضلة دائما؛ على مدار حياة طويلة؛ وفي كل بيت انتقلت إليه صديقتي وأنا أيضا؛ رغم تغيير العناوين واختلاف الأذواق لكل بيت؛ إلا أن ظل المطبخ مكان مفضل يسمح بالكثير من الفوضى المحببة؛ والثرثرة البناتي دون تكلف أو ادعاء ..
في المطبخ؛ أخلع كعبي العالي؛ وأجلس أرضا وأترك روحي تتمدد ..
بورسعيد | أغسطس ٢٠٢١
تعليقات