التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أوراق الصباح ٣

في صباح اليوم؛ وعند صعودي الدرج متوجهه إلى مكتبي؛ وقفت سيدة تبدو بسيطة الحال - ملامحها طفولية؛ ترتدي جلبابا أسود اللون؛ تلف رأسها بوشاح زيتوني يعكس لون عيونها - وجهها مُشرَبا بحمرة محببة - تستند بكل جسدها على دَرَابَزُون الدرج؛ وتنقل قدماها بثقل وكأنها أقدام فيلة؛ يعلو صوت أنفاسها تعبا وحرجا؛ وإذ فجأة - انكسرت قطعة من الدَرَابَزُون وسقطت أرضاً - نظرت لي بتوتر وقالت بصوت خفيض!


أعمل ايه دلوقت

قلت لها ولا يهمك هو كان مالنا وضحكت حتى ألطف من حدة توترها ولملمت المتبعثر من أجزاء الدَرَابَزُون وألقيت به جانبا؛ ثم نظرت لها وقلت صباحك حلو - كبري دماغك؛ تعرفي تكبري دماغك!


نظرت لي بامتنان؛ ولم تنطق بحرف!


وبعد خطوتين؛ انقطع مني الكيس الذي يحمل زجاجة الماء وفطوري؛ وفرغ تماما من محتواه؛ أصابني الفزع والعجب؛ وددت لو تشاجرت مع الكيس الذي ألقى بطعامي وشرابي أرضا؛ لكنه ممزق - أصبح باليا - هكذا بدون سبب!


مددت يدي لأرفع طعامي؛ سبقتني احدى عاملات البوفية - وناولتني ما سقط مني؛ ثم ابتسمت لي وقالت ماتزعليش زعلانة ليه - صباحك حلو!


بين الموقف الأول والثاني؛ بعض خطوات - بعض خطوات فقط؛ وبعد الموقفين غرقت في صمتي مندهشة!  


أحدث ذاتي؛ النوايا - الأفعال - الكلمات كؤوس تدور على طاولة واحدة - طاولة اسمها الحياة!



 هنا القاهرة 

١٧ ديسمپر ٢٠٢٢



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٣

كانت چدتي تجيد الخبز والطبخ والحياكة واضحاك قلبي؛ أما أمي فلها فنون أخرى؛ وحدها تملك تميمة حب وشفاء؛ تمسح بها عن جسدي ما علق به من الآلام!  كلما كبرت اشتقت لرحم أمي؛ وكفوف جدتي؛ وفستاني الوردي وألعابي؛ أظن بنفسي بأنني أستطيع مواكبة العالم؛ لكنني للحق؛ لا أريد تلك الحروب أو ربما لا أملك القدرة من الأساس! أنا في الأساس انسان يميل للحياة السهلة والطقوس اللطيفة؛ لماذا تعاركني الحياة إذن؟ أنا أريد رحم أمي؛ حيث لا يراني أحد؛ يحاوطني ماء الحياة؛ أشارك أمي أنفاسها وطعامها ودقات قلبها؛ ثم أخرج لدار جدتي لتضمني بكفوفها؛ ثم لا أكبر أبداً .. ولا يرحل أحد منا؛ ونظل معا إلى الأبد. بورسعيد | ٢٨ يناير ٢٠٢٤

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو