التخطي إلى المحتوى الرئيسي

طعام صلاة حب شفاء ١


على شاطىء بورسعيد الرائق تجلس فتاة وحيدة تبدأ عمر الثلاثون بكدمات روح وورقة طلاق! 


في صحبة كتاب يتناول حياة امرأة ثلاثينية أمريكية الأصل؛ تواجه الطلاق أيضاً بقلب هش وجسد حزين؛ لتبحث عن نفسها من جديد مع ثلاث متع؛ الطعام ولذته؛ الطقوس الدينية وروعتها؛ الحب ولوعته!


كتاب طعام صلاة حب للكاتبة الصحفية إليزابيث جيلبيرت؛ مع كل صفحة من هذا الكتاب كنت أجد نفسي في مشهد ما؛ كنت أخطو بقدم مترددة نحو الحياة من جديد والأخرى لازالت عالقة في ذكرى حب قد مضى؛ وترك ندوبه في يسار جنبي!


النجاة من تجربة قاسية يشبه الولادة من جديد؛ يخلق الطلاق في نفس المرأة ألم حاد في القلب والكرامة؛ يتبعه شفاء تام وإدراك بماهية ذاتها؛ والحياة؛ وعلاقاتها بالآخرين؛ قيمة الوقت والمشاعر والأمومة؛ ليتحول كل شيء من حولها إلى ممارسة فنية؛ فن التعامل مع نفسها؛ فن الطبخ؛ فن التغافل؛ فن الحياة والكثير من الفنون ..


حتى لو وحيدة؛ لكن هناك ثمة شعور لطيف يغلف حياتها؛ ربما شعورها بالسلام؛ رغم أشواط العراك النفسي التي مرت بها؛ مخاوفها؛ ظنونها السوداء؛ وأيضاً الحنين .. 


مخاوف المرأة لن ترى بالعين؛ لأنه لا أحد يطلع على وسادتها سواها؛ لا أحد ينظر إلى مرأتها أو يقرأ سطور دفترها الذي يعد صديق وفي لها في فترة التشافي ..


على طريقة إليزابيث؛ بحثت عن المتعة عن طريق الطعام؛ كان بالنسبة لي في طبق من الفواكه؛ يسرق عيني بألوانه ثم أسرقه أنا لمعدتي!


أنا نباتية منذ عام ٢٠٠٧ م لا تستهويني اللحوم؛ وأثناء فترة ارتباطي تلك؛ كرهتها أضعافاً من كل قلبي ولفترة طويلة؛ ثم تخلصت من شعور النفور الكريه ليبقى مجرد رغبة في تفضيل وجبة عن سواها. 


الصلاة؛ كانت ولازالت طوق النجاة؛ ملاذي الآمن؛ لطالما كنت أشعر بمحبة الله لي طوال وقتي؛ حتى في أكثر الأوقات بعدا عنه؛ فأعود خجلة عطشة ..


أقول لنفسي أريد أن أصلي حتى ينكسر ظهري وتتفتت عظامي؛ لكن الصلاة لا تكسر؛ الصلاة تجبر القلب؛ وتصلب الطول فخرا وثقة ويقين ..


كل الممارسات الدينية من تسبيح أو صلاة قيام أو صيام نوافل كلها كانت روشتة ربانية كتبها الله لي برحمة وترقق بحال قلبي؛ فعدت سالمة ..


في ليال التعافي؛ كنت أكتب رسائل ورقية معنونة ب رسالة إلى الله؛ أشكو له بثي وحزني؛ وأخرج فضلات رأسي؛ وأكشف عورات روحي له؛ فأنام هانئة.


الحب؛ تحول معناه بالنسبة لي إلى فضيلة من الفضائل المنسية؛ ليس مجرد شعور بين رجل وامرأة؛ الإنسان أولى بحب ذاته؛ ثم الأقربون فالأقرب؛ إن لم يفلح في الأولى؛ فلن يفلح في شيء؛ فيتحول وسط ركاب البشر مع الوقت مجرد آله يستخدمها الآخرون لأغراضهم حتى تتقادم ..

مرت الفترة علي؛ ليست بسهولة مرت؛ ولكنها مرت؛ وولدت من جديد؛ لأزيد على ثلاثية إليزابيث كلمة شفاء؛ ومن هنا صنعت مدرستي الخاصة بالضلع الأخير للتعافي طعام صلاة حب شفاء ..



للحديث بقية .. 

بورسعيد | ٨ يونيو ٢٠١٤ م 

القاهرة | ٢ ديسمپر ٢٠٢٢ م 





تعليقات

‏قال رح ـمة
حبيت رحلة التعافي.. ومنتظرة بقيتها جدا.. ربنا يريح قلبك يا نهال
‏قال Bent Men ElZman Da !!
"في ليال التعافي؛ كنت أكتب رسائل ورقية معنونة ب رسالة إلى الله؛ أشكو له بثي وحزني؛ وأخرج فضلات رأسي؛ وأكشف عورات روحي له؛ فأنام هانئة."

رحلة الشفاء من كل الحزن والألم مش هينه ولكنها بتخلقنا من جديد.. في انتظار استكماله جدًا
‏قال وعيّ
ولساها الرحلة
‏قال aya mohamed
ربنا يقويكي وتكوني دائما قوية ومُلهمة

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حديث ذات ٤٦

الوقت، له أفاعيل عجيبة يرفع ويخفض مقامات الناس في قلبك، ثم يرفع قيمتك على الجميع عندما تدرك قيمة نفسك وتثقلها بما يليق بها. يمكنه أن يساعدك على النسيان، وعلى التشافي، وعلى بناء نفسك من جديد، يمكنه أن يساعدك أن تخرج من الدوائر السامة لكن بهدوء، الوقت كالرجل الأنيق كلاسيكي الطبع يتعامل مع الأمور بترو وحكمة وصبر بالغ، ينظر لك بطرف عيونه وبين شفتيه سيجار، تأكله شظاياه ببطء فتظن أنه ليس مهتما، لكنه الوقت يا صديقي ليس عليه أن يهتم لأمرك، هو يقرص أذنك مرة واحدة ثم بعدها تدرك قيمته. لذا لا تتقبل من أحد معايدة في الصباح الثاني ليوم عيد ميلادك، ولا تتقبل العزاء بعد ثلاث، وليس فرضا عليك بعد مرورك برحلة العناء والتعب ثم التشافي أن تفتح ذراعيك لمن لم يمسح على رأسك وأنت مريضاً! لكن من يهديك جزء من وقته، هو يهديك جزء من عمره، بادله الوقت والعمر والمشاعر، هكذا هي الحياة كؤوس متبادلة ..          بورسعيد | ٢٢ أغسطس ٢٠٢٤ م

حديث ذات ٤٣

كانت چدتي تجيد الخبز والطبخ والحياكة واضحاك قلبي؛ أما أمي فلها فنون أخرى؛ وحدها تملك تميمة حب وشفاء؛ تمسح بها عن جسدي ما علق به من الآلام!  كلما كبرت اشتقت لرحم أمي؛ وكفوف جدتي؛ وفستاني الوردي وألعابي؛ أظن بنفسي بأنني أستطيع مواكبة العالم؛ لكنني للحق؛ لا أريد تلك الحروب أو ربما لا أملك القدرة من الأساس! أنا في الأساس انسان يميل للحياة السهلة والطقوس اللطيفة؛ لماذا تعاركني الحياة إذن؟ أنا أريد رحم أمي؛ حيث لا يراني أحد؛ يحاوطني ماء الحياة؛ أشارك أمي أنفاسها وطعامها ودقات قلبها؛ ثم أخرج لدار جدتي لتضمني بكفوفها؛ ثم لا أكبر أبداً .. ولا يرحل أحد منا؛ ونظل معا إلى الأبد. بورسعيد | ٢٨ يناير ٢٠٢٤

حديث ذات ٣٧

تسألني سيدة: لماذا تفضلين المكوث ببيتك طوال أيام الأسبوع؛ بينما الخروج لمكان جديد أو السفر؛ أو الترجل في حديقة واسعة؛ أو حتى الجلوس في مقهى بسيط؛ أفضل؛ ووسيلة من وسائل التجديد والتغيير؛ وضخ دماء جديدة لحياتك الراكدة!  أجبت: في بيتي أنا حرة؛ كل الأماكن البعيدة والقريبة رغم جمالها واختلافها هي للجميع؛ الجميع يشارك الجميع لحظاته الخاصة؛ يمكن لأحدهم أن يرمقني بفضول وأنا في لحظة بكاء؛ أو تتودد احداهن لي لمجرد الفضفضة؛ بينما ذاتي في لحظة فضفضة غير مسموعة .. سقف بيتي يغطيني؛ أما في الخارج أنا عارية؛ ولو غطى جسدي كله سواد الغرابيب .. ذات مساء؛ كنت جالسة وحدي في احدى المقاهي الراقية البعيدة؛ خلف شاشة اللاب توب؛ غارقة في كتابة نص عنيد؛ وعيوني ترفض البكاء؛ مرت ساعة وأنا في حالة توسل للحروف أن تتصالح وتتضاجع على سطور الصفحة؛ حتى ضجرت .. نظرت للجرسون أن يقترب؛ لآسد فاتورة ساعة من العمر كانت ثقيلة وجافة؛ شربت على نخبها قهوة مره .. اقترب خطوتين؛ وبصوت خفيض  الأستاذ دفع يا فندم ثم أشار برأسه ليساره  أنظر لأجده شخصا غريبا عني لا أعرفه؛ بخطوات وقورة؛ اقترب مني ومد يده وعرف نفسه .. نظرت ليده الممدودة نحو